كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)

فَتَحلِفُ لَكُم يَهُودُ. قَالَوا: لَيسُوا بِمُسلِمِينَ.
فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مِن عِندِهِ، فَبَعَثَ إِلَيهِم رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مِائَةَ نَاقَةٍ حمراء، حَتَّى أُدخِلَت عَلَيهِم الدَّارَ، فَقَالَ سَهلٌ: فَلَقَد رَكَضَتنِي مِنهَا نَاقَةٌ حَمرَاءُ.
وفي رواية: فقالوا: يا رسول الله! (كيف نقبل أيمان قوم كفار؟ )
ـــــــــــــــــــــــــــــ
دون رد اليمين. وقال ابن أبي ليلى: يُؤخذ باليمين. ومعنى تبرئكم يهود: أي: يبرؤون إليكم مما طالبتموهم به، فتبرؤون أنتم منهم؛ إذ ينقطع طلبكم عنهم شرعًا.
وفيه دليل على أن الأيمان المردودة لا تكون أقل من خمسين يمينًا من خمسين رجلًا إذا كان المدَّعى عليهم خمسين. فإن كانوا أقل من ذلك؛ حلفوا خمسين يمينًا، ورُدَّت عليهم بحسب عددهم. وهل لهم أن يستعينوا بمن يحلف معهم من أوليائهم أم لا؟ قولان. فمشهور مذهب مالك: لهم الاستعانة. وعليه فلا يحلف فيها أقل من اثنين. ولا يحلفُ المدَّعى عليه معهم إلا أن لا يجد من يحلفُ معه، فيحلفُ هو خمسين يمينًا. وروى مطرف عن مالك: أنَّه لا يحلفُ مع المدَّعى عليه أحدٌ، ويحلفُ هم أنفسهم كانوا واحدًا أو أكثر خمسين يمينًا يبرئون بها أنفسهم. وهو قول الشَافعي. وهو الصحيح؛ لأن من لم يُدَّع عليه لم يكن له سبب يتوجَّه عليه به يمين، ثم مقصود هذه الأيمان: البراءة من الدَّعوى. ومن لم يُدَّع عليه بريء، ولأن أيمانهم على أن وليَّهم لم يُقتل شهادةٌ على نفي، وهي باطل. وأيضًا فقد قال الله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزرَ أُخرَى}
و(قوله: فيُدفع بِرُمَّتِه) هو بضم الراء، وهو: الحبل البالي. وأصله: أنَّ رجلًا سلَّم رجلًا لآخر بحبلٍ في عنقه ليقتلَه، فقيل: ذلك لكل من سلم شيئًا بكلِّيته، ولم يبق له به تعلُّق. والرِّمَّةُ - بكسر الراء -: العظم البالي. يقال: رمَّ العظم، وأرم: إذا بلي. والرميم: الشيء البالي، المتفتت كالورق، المتهشم. ومنه قوله تعالى: {مَا تَذَرُ مِن شَيءٍ أَتَت عَلَيهِ إِلا جَعَلَتهُ كَالرَّمِيمِ}
و(قول المدَّعين: كيف نقبل أيمانَ قومٍ كُفَّار) هذا استبعاد لصدقهم وتقريبٌ

الصفحة 14