كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)
أَولَادَنَا، وَلَا يَعضَهَ بَعضُنَا بَعضًا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
التزام هذه الأمور المذكورة كما بايع النساء عليها. وإنَّما نبَّه بهذا على أن هذه البيعة لما لم يكن فيها ذكر القتال استوى فيها الرِّجال والنساء؛ ولذلك كانت تسمى هذه البيعة بيعة النساء. وهذه البيعة كانت بالعقبة خارج مكة. وهي أول بيعة بايعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنقباء الأنصار، وذلك قبل الهجرة، وقبل فرض القتال.
و(قوله: ولا يَعضَهُ بعضنا بعضًا) هكذا رواية الجماعة، وقيل فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه السِّحر؛ أي: لا يسحر بعضنا بعضا. والعَضهُ، والعَضِيهَة: السِّحر. والعاضِهُ: السَّاحر. والعاضِهَةُ: السَّاحرة.
والثاني: أنَّه النَّمِيمَة والكذب.
والثالث: البُّهتان.
قلت: وهذه الثلاثة متقاربة في المعنى؛ لأنَّ الكل كذبٌ وزور. ويقال لكلِّها عَضهٌ، وعَضِيهةٌ. ويُصرف فعلها كما سبق.
وقد روى العذري هذه اللفظة: (ولا يَعضِي بعضنا بعضًا) - بالياء مكان الهاء - على وزن: يقضي. ويكون من التعضية، وهي التفريق والتجزئة. ومنه قوله تعالى: {الَّذِينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ} قال ابن عباس: فرَّقوه فآمنوا ببعضه، وكفروا ببعض. وعلى هذا: فيكون عضين: جمع عضه. فيكون منقوضًا؛ لأنَّ أصله: عِضوةٌ، فحذفوا الواو، ونقلوا حركتها إلى الساكن قبلها، كما فعلوه في عزة، فيكون معناه في الحديث: لا تكذب عليه فتبهته بأنواع من البهتان والكذب، فتفرقها عليه في أوقات، وتنسبها إليه في حالات. ورواية الجماعة أوضح.
و(النُّقَباء): جمع نقيب، كظريف، وظرفاء. وهو الذي ينقب عن أخبار أصحابه، وأحوالهم، فيرفعها للأمراء. وهم المسمُّون بالعرفاء أيضًا: جمع
الصفحة 140
648