كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)

فَمَن وَفَى مِنكُم فَأَجرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَن أَتَى مِنكُم حَدًّا فَأُقِيمَ عَلَيهِ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عريف، لتعرُّفهم بالأحوال، وتعريفهم بها. وقد تقدم الكلام في (النهبة).
و(قوله: ولا نقتل أولادنا) يعني بهم: البنات اللواتي كانوا يدفنونهم (¬1) أحياء. وهي الموءودة. وكانوا يفعلون ذلك للأنفة الجاهلية وخوف الفقر والإملاق. ولا يُعارض هذا قوله في الرواية الأخرى: (ولا نقتل (¬2) النَّفس التي حرَّم الله إلا بالحق) لأنَّ هذه البيعة كانت فيها أمورٌ كثيرة منعهم منها، ونهاهم عنها؛ قد تقدم ذكر بعضها في كتاب الإمارة. وقد شمل ذلك كُلَّه بقوله: (ولا نعصي)، وكذلك قال تعالى في حق النساء: {وَلا يَعصِينَكَ فِي مَعرُوفٍ}
و(قوله: فمَن وَفَى منكم) بتخفيف الفاء. وقاله الأصيلي بتشديدها، ومعناهما واحد؛ أي: فعل ما أمر به، وانتهى عمَّا نُهِي عنه.
و(قوله: فأجره على الله) أي: إن الله تعالى ينجيه من عذابه وإهانته، ويوصله إلى جنته وكرامته.
و(قوله: ومن أتى منكم حدًّا فأُقِيم عليه فهو كفارته) هذا حجَّة واضحة لجمهور العلماء على أن الحدود كفارات. فمن قتل فاقتُصَّ منه لم يبق عليه طِلبَةٌ في الآخرة؛ لأنَّ الكفارات ماحيةٌ للذنوب، ومصَيِّرةٌ لصاحبها كأن ذنبه لم يكن (¬3). وقد ظهر ذلك في كفارة اليمين والظِّهار وغير ذلك. فإن بقي مع الكفارة شيء من آثار الذنب لم يصدق عليها ذلك الاسم. وقد سمعنا من بعض علماء مشايخنا: أن الكفارة إنَّما تكفر حق الله تعالى، ويبقى على القاتل حق المقتول يطلبه به يوم القيامة. وتَطَّرِدُ هذه الطريقة في سائر حقوق الآدميين.
¬__________
(¬1) كذا في جميع النسخ، والصواب: يدفنونهن.
(¬2) في (ع) و (م 3): تقتلوا.
(¬3) في (ج 2): يقع.

الصفحة 141