كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مسلم. قال القاضي عياض: المعروف: أن الرَّبيع هي صاحبة القصة. وكذا جاء الحديث في البخاري في الروايات الصحيحة: أنها الرَّبيع بنت النضر، وأخت أنس بن النَّضر، وعمَّة أنس بن مالك. وأن الذي أقسم هو أخوها أنس بن النَّضر، وكذا في المصنفات، وجاء مفسَّرًا عند البخاري وغيره: أنها لطمت جارية، فكسرت ثنيَّتها. ورواية البخاري هذه تدل: على أن الإنسان المجروح المذكور في رواية مسلم هو جارية. فلا يكون فيه حجَّة لمن ظن أنَّه رجل، فاستدلَّ به: على أن القصاص جار بين الذكر والأنثى فيما دون النفس. والصحيح: أن الإنسان ينطلق على الذكر والأنثى وهو من أسماء الأجناس. وهي تعمُّ الذكر والأنثى، كالفرس يعمُّ الذكر والأنثى. والجمهور من السلف والخلف على جريان القصاص بين الذكر والأنثى، فيقتل الذكر بالأنثى إلا خلافًا شاذًّا عن الحسن وعطاء، وروي ذلك عن علي بن أبي طالب. وهم محجوجون بقوله تعالى: {وَكَتَبنَا عَلَيهِم فِيهَا أَنَّ النَّفسَ بِالنَّفسِ} فعمَّ، وبأنه قد تقدم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل اليهودي بالجارية (¬1). فأمَّا قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ القِصَاصُ فِي القَتلَى}؛ فإنما اقتضت بيان حكم النوع إذا قتل نوعه، فبيَّنت حكم الحرِّ إذا قتل حرًّا، والعبد إذا قتل عبدًا، والأنثى إذا قتلت أنثى. ولم تتعرض لأحد النَّوعين إذا قتل الآخر، لكن بين ذلك بقوله تعالى: {وَكَتَبنَا عَلَيهِم فِيهَا أَنَّ النَّفسَ بِالنَّفسِ} وبيَّنه النبي - صلى الله عليه وسلم - بسنَّته لما قتل اليهودي بالمرأة. وأمَّا القِصاص بين الرَّجل والمرأة فيما دون النفس: فهو قول الجمهور أيضًا، وخالفهم في ذلك ممن يرى القصاص بينهما في النفس أبو حنيفة، وحمَّاد، فقالا: لا قصاص بينهما فيما دون النفس. وهما محجوجان بإلحاق ما دون النَّفس على طريق الأحرى والأولى. وذلك: أنهما قد وافقا الجمهور: على أن الرَّجل يقتل بالمرأة مع عظم حرمة
¬__________
(¬1) انظر الحديث في التلخيص برقم (2063 و 2064).

الصفحة 35