كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)
السَّنَةُ اثنَا عَشَرَ شَهرًا، مِنهَا أَربَعَةٌ حُرُمٌ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والأشبه القول الأول؛ لأنَّه هو الذي استفيد نفيه من قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الزمان قد استدار) أي: زمان الحجِّ عاد إلى وقته الأصلي؛ الذي عينه الله تعالى له يوم خلق السماوات والأرض بأصل المشروعية التي سبق بها علمه، ونفذ بها حكمه. ثم قال: (السَّنة اثنا عشر شهرًا) ينفي بذلك الزيادة التي زادوها في السنَّة؛ وهي الخمسة عشر يومًا بتحكمهم. ثمَّ هذا موافق لقوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثنَا عَشَرَ شَهرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَومَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ مِنهَا أَربَعَةٌ حُرُمٌ} فتعيَّن الوقت الأصلي، وبطل التحكُّم الجهلي. والحمد لله الولي.
قلت: وهذه أقوال سلف هذه الأمَّة، وعلماء أهل السُّنة، وقد تكلَّم على هذا الحديث بعض من يدَّعي علم التعديل بقولٍ صدر عنه من غير تحقيق ولا تحصيل، فقال: إن الله سبحانه أول ما خلق الشمس أجراها في برج الحمل، وكأن الزمان الذي أشار إليه (¬1) النبي - صلى الله عليه وسلم - صادف حلول الشمس في برج الحمل.
قلت: وهذا تقوُّل بما لم يصحّ نقله؛ إذ مقتضى قوله: إن الله تعالى خلق البروج قبل الشمس، وأنه أجراها في أول برج الحمل. وهذا لا يتوصل إليه إلا بالنقل عن الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - ولا نقلا صحيحا عنهم بشيء من ذلك. ومن ادَّعاه فليُسنده. ثمَّ: إن العقل يجوز خلاف ما قال. وهو: أن يخلق الله تعالى الشمس قبل البروج. ويجوز أن يخلق ذلك دفعة واحدة. ثم إن علماء التعديل قد اختبروا كلام ذلك الرجل فوجدوه خطأ صراحًا؛ لأنَّهم اعتبروا بحساب التعديل اليوم الذي قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك القول، فوجدوا الشمس فيه في برج الحوت، بينها وبين الحمل عشرون درجة. ومنهم من قال: عشر درجات، والله تعالى أعلم.
و(قوله: منها أربعة حرم) أي: من الاثني عشر شهرًا، وأولها المحرم.
¬__________
(¬1) في (ج 2): به.
الصفحة 44
648