كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
سُمي بذلك: لتحريم القتال فيه. ثمَّ صفر. سُمي بذلك: لخلوِّ مكة من أهلها فيه. وقيل: وقع فيه وباءٌ فاصفرَّت وجوههم. أبو عبيد: لصفر الأواني من اللَّبن. ثم الربيعان: لارتباع الناس فيهما؛ أي: لإقامتهم في الربيع. ثم جماديان، وسُميا بذلك: لأن الماء جمد فيهما. ثم رجب، سُمي بذلك: لترجيب العرب إياه؛ أي: لتعظيمهم له، أو لأنَّه لا قتال فيه. والأرجب: الأقطع. ثم شعبان. وسُمي بذلك: لتشعب القبائل فيه. ثم رمضان. وسمي بذلك: لشدَّة الرمضاء فيه. ثم شوَّال. وسُمي بذلك: لأن اللقاح تشول فيه أذنابها. ثم ذو القعدة، سُمي بذلك لقعودهم فيه عن الحرب. ثم ذو الحجَّة، وسمي بذلك: لأن الحجَّ فيه. ويجوز في (فاء): ذي القعدة وذي الحجَّة الفتح والكسر، غير أن الفتح في (ذي القعدة) أفصح.
وسميت الحُرُم حرمًا: لاحترامها وتعظيمها بما خصَّت به من أفعال البر، وتحريم القتال، وتشديد أمر البغي والظلم فيها.
وذلك: أن العرب كانت في غالب أحوالها، ومعظم أوقاتها قبل مجيء الإسلام أهل غارة، ونهب، وقتال، وحرب، يأكل القوي الضعيف، ويصول على المشروف الشريف، لا يرجعون لسلطان قاهر، ولا لأمر جامع، وكانوا فوضى فضا (¬1)، من غلب سلب، ومن عز بزَّ (¬2)، لا يأمن لهم سِرب، ولا يستقر بهم حال. فلطف الله بهم بأن جعل في نفوسهم احترام أمور يمتنعون فيها من الغارة، والقتال، والبغي، والظلم، فيأمن بعضهم من بعض، ويتصرَّفون فيها في حوائجهم، ومصالحهم، فلا يهيج فيها أحدٌ أحدًا، ولا يتعرَّض له، حتى إن الرَّجل يلتقي فيها بقاتل أبيه وأخيه فلا يتعرض له بشيء، ولا بغدر؛ بما جعل الله في قلوبهم من تعظيم تلك الأمور. ولا يبعد أن يكون أصل ذلك مشروعًا لهم من دين إبراهيم وإسماعيل؛ كالحجِّ، والعمرة، وغيرهما مما كان عندهم من شرائعهما.
¬__________
(¬1) يقال: أمرهم فوضى فضًا، أي: سواءٌ بينهم. وأمرهم فضًا بينهم، أي: لا أمير عليهم.
(¬2) أي: مَن غلب أخذ السَّلَب.
الصفحة 45
648