كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهذه الأمور من الزمان: الأشهر الحرم. ومن المكان: حرم مكة. ومن الأموال: الهدي والقلائد. ويشهد لما ذكرناه قوله تعالى: {يَسأَلُونَكَ عَنِ الشَّهرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُل قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} وقوله تعالى: {مِنهَا أَربَعَةٌ حُرُمٌ} ثم قال: {ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ} وقوله تعالى في الحرم: {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} وقوله: {أَوَلَم يَرَوا أَنَّا جَعَلنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِن حَولِهِم} وقوله: {وَإِذ جَعَلنَا البَيتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمنًا} وقوله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الكَعبَةَ البَيتَ الحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} ومعنى كون هذه الأمور قيامًا للناس؛ أي: تقوم بها أحوالهم، وتنتظم بها مصالحهم من أمر أديانهم ومعايشهم. هذا معنى ما قاله المفسرون. فلما جاء الإسلام لم يزد تلك الأمور إلا تعظيمًا وتشريفًا، غير أنه لما حدَّ الحدود، وشرع الشرائع، ونصب العقوبات والزواجر؛ اتفقت كلمة المسلمين، والتزمت شرائع الدين، فأمن الناس على دمائهم ونفوسهم، وأموالهم، فامتنع أهل الظلم من ظلمهم، وكف أهل البغي عن بغيهم، واستوى في الحق القوي والضعيف، والمشروف والشريف. فمن صدر عنه بغي، أو عدوان، قمعته كلمة الإسلام، وأقيمت عليه الأحكام، فحينئذ لا يعيده شيء من تلك المحرَّمات، ولا يحول بينه وبين حكم الله تعالى أحدٌ من المخلوقات. فالحمد لله الذي هدانا لهذا الدِّين القويم، والمنهج المستقيم. وهو المسؤول بأن ينعم علينا بالدَّوام، والتَّمام، ويحشرنا في زمرة واسطة النظام محمد عليه الصلاة والسلام.
والهَدي: ما يُهدى من الأنعام إلى البيت الحرام، والقلائد يعني به: ما تُقلَّدُ به الهدايا؛ وذلك بأن يجعل في عنق البعير حبل يُعلَّق به نعل، كما تقدَّم في كتاب الحج. ويعني بذلك: أن الهدي مهما أُشعر وقُلِّد لم يجز لأحد أن يتملَّكه، ولا أن يأخذه إن وجده. بل يجب عليه أن يحمله إلى مكة إن أمكنه ذلك حتى يُنحَر هناك على ما تقدَّم.
الصفحة 46
648