كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)

(8) باب الحث على العفو عن القصاص بعد وجوبه
[1771] عن عَلقَمَةَ بن وَائِلٍ عن أبيه قَالَ: إِنِّي لَقَاعِدٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؛ إِذ جَاءَ رَجُلٌ يَقُودُ آخَرَ بِنِسعَةٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا قَتَلَ أَخِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: أَقَتَلتَهُ؟ (فَقَالَ: إِنَّهُ لَو لَم يَعتَرِف أَقَمتُ عَلَيهِ البَيِّنَةَ). قَالَ:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(8) ومن باب: الحث على العفو
عن القصاص بعد وجوبه
قوله: (جاء رجل يقود آخر بنِسعَةٍ) النِّسعة: ما ضفر من الأدم كالحبال. وجمعها: أنساع. فإذا فُتل ولم يُضفر؛ فهو الجديل. والجدل: الفَتل. وفيه من الفقه: العنف على الجاني، وتثقيفه، وأخذ الناس له حتى يحضروه إلى الإمام، ولو لم يجعل ذلك للناس لفرَّ الجناة، وفاتوا، ولتعذر نصر المظلوم، وتغيير المنكر.
و(قوله: هذا قتل أخي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أقتلته) فيه من الفقه سماع دعوى المدَّعي في الدَّم قبل إثبات الموت والولاية. ثم لا يثبت الحكم حتى يثبت كل ذلك. فإن قيل: فقد حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - على القاتل في هذا الحديث من غير إثبات ولاية المدَّعي. فالجواب: إن ذلك كان معلومًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وعند غيره، فاستغنى عن إثباته لشهرة ذلك.
وفيه: استقرار المدَّعى عليه بعد سماع الدعوى لإمكان إقراره، فتسقط وظيفة إقامة البينة عن المدَّعي. كما جرى في هذا الحديث.
و(قوله: لو لم يعترف أقمت عليه البينة) بيان: أن الأصل في ثبوت الدِّماء الإقرار، أو البيِّنة. وأمَّا القسامة: فعلى خلاف الأصل، كما تقدم؛ وفيه: استقرار المحبوس، والمتهدَّد، وأخذه بإقراره. وقد اختلف في ذلك العلماء، واضطرب

الصفحة 52