كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)

نَعَم قَتَلتَهُ، قَالَ: فكَيفَ قَتَلتَهُ؟ . قَالَ: كُنتُ أَنَا وَهُوَ نَختَبِطُ مِن شَجَرَةٍ، فَسَبَّنِي، فَأَغضَبَنِي، فَضَرَبتُهُ بِالفَأسِ عَلَى قَرنِهِ، فَقَتَلتُهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: هَل لَكَ مِن شَيءٍ تُؤَدِّيهِ عَن نَفسِكَ؟ .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المذهب عندنا في إقراره بعد الحبس والتهديد. هل يُقبل جملة، أو لا يقبل جملة؟ والفرق (¬1) (فيقبل إذا عيَّن ما اعترف به من قتل، أو سرقة، ولا يُقبل إذا لم يعين) ثلاثة أقوال.
و(قوله: كيف قتلته؟ ) سؤال استكشاف عن حال القتل، لإمكان أن يكون خطأ، أو عمدًا. ففيه من الفقه: وجوب البحث عن تحقيق الأسباب التي تنبني عليها الأحكام، ولا يكتفى بالإطلاق. وهذا كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - مع ماعز حين اعترف على نفسه بالزنى على ما يأتي.
و(قوله: كنت أنا وهو نختبط من شجرة، فسبَّني، فأغضبني، فضربته بالفأس على قرنه فقتلته). نختبط (نفتعل) من الخبط، وهو ضرب بالعصا ليقع يابسُ ورقها، فتأكله الماشية. وقرن الرأس: جانبه الأعلى. قال الشاعر:
. . . . . . . . . . . . . . . ... وضَرَبتُ قَرنِي كَبشِها فَتَجَدَّلا (¬2)
و(قوله: هل لك من شيء تؤدِّيه عن نفسك) يدلّ: على أنه صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قد ألزمَه حكم إقراره، وأن قتله كان عمدًا؛ إذ لو كان خطأ لما طالبه بالدِّية، ولطولب بها العاقلة، ويدلُّ على هذا أيضًا قوله: (أترى (¬3) قومك يشترونك؟ ) لأنه لما استحق أولياء المقتول نفسه بالقتل العمد صاروا كالمالكين له، فلو دفع أولياء القاتل عنه عوضًا فقبله أولياء المقتول لكان ذلك كالبيع. وهذا كله إنما عرضه
¬__________
(¬1) أي: إن القول الثالث هو التفريق بين ما إذا عيَّن أو لم يُعيِّن.
(¬2) في (ل): فتجندلا. و (جدَّله): صرعه وأوقعه على الأرض فهو مجدَّل.
(¬3) في التلخيص: فترى.

الصفحة 53