كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)

فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذنِ اللَّهِ.
رواه أحمد (3/ 335)، ومسلم (2204).
[2144] وعَن عَاصِمِ بنِ عُمَرَ بنِ قَتَادَةَ قَالَ: جَاءَنَا جَابِرُ بنُ عَبدِ اللَّهِ فِي أَهلِنَا وَرَجُلٌ يَشتَكِي خُرَاجًا بِهِ أَو جِرَاحًا، فَقَالَ: مَا تَشتَكِي؟ قَالَ: خُرَاجٌ بِي قَد شَقَّ عَلَيَّ! فَقَالَ: يَا غُلَامُ، ائتِنِي بِحَجَّامٍ! فَقَالَ لَهُ: مَا تَصنَعُ بِالحَجَّامِ يَا أَبَا عَبدِ اللَّهِ؟ قَالَ: إني أُرِيدُ أَن أُعَلِّقَ فِيهِ مِحجَمًا. قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ الذُّبَابَ لَيُصِيبُنِي، أَو يُصِيبُنِي الثَّوبُ فَيُؤذِينِي وَيَشُقُّ عَلَيَّ! فَلَمَّا رَأَى تَبَرُّمَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله فإذا أصيب دواء الدَّاء برأ بإذن الله، ومعناه أن الله تعالى إذا شاء الشِّفاء يسَّر دواء ذلك الدَّاء ونبَّه عليه مستعمله فيستعمله على وجهه وفي وقته فيشفى ذلك المرض، وإذا أراد إهلاك صاحب المرض أذهل عن دوائه أو حجبه بمانع يمنعه فهلك صاحبه، وكلُّ ذلك بمشيئته وحكمه كما سبق في علمه، ولقد أحسن من الشعراء من قال في شرح الحال:
والنَّاس يلحَون الطَّبيب وإنَّما ... غَلَطُ الطَّبيبِ إصابةُ المَقدُور
وقد خرَّج أبو داود هذا الحديث وحديث أسامة بن شريك، وقال فيه: إنَّه - صلى الله عليه وسلم - قال يا عباد الله، تداووا! فإنَّ الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء، غير داءٍ واحد: الهرم (¬1)، فاستثنى الهرم من جملة الأدواء وإن لم يكن داء بنفسه، لكن تلازمه الأدواء، وهو مُفضٍ بصاحبه إلى الهلاك. وهذا نحو من قوله في الحديث الآخر: كفى بالسَّلامة داء (¬2)؛ أي: مصير السلامة إلى الدَّاء، وكما قال حميد بن ثور:
أَرَى بَصَرِي قد رابَني بَعد صِحَّةٍ ... وَحَسبُك داءً أن تصحَّ وتَسلما
¬__________
(¬1) رواه أبو داود (3855).
(¬2) رواه القضاعي في مسند الشهاب رقم (861).

الصفحة 593