كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)
[2165] وعَن عَبدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا عَدوَى وَلَا طِيَرَةَ، إِنَّمَا الشُّؤمُ فِي ثَلَاثَةٍ: المَرأَةِ، وَالفَرَسِ، وَالدَّارِ.
رواه البخاريُّ (5753 و 5772)، ومسلم (2225) (116)، وأبو داود (3922)، والترمذي (2825)، والنسائي (6/ 220)، وابن ماجه (86).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عبدي بي (¬1)، وإنما كان يكره الطيرة لأنَّها من أعمال أهل الشرك ولأنها تجلب ظن السوء بالله تعالى، كما قد روى أبو داود عن عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: الطيرة شرك - ثلاثا - وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل (¬2)؛ أي: من اعتقد في الطيرة ما كانت الجاهلية تعتقده فيها فقد أشرك مع الله تعالى خالقًا آخر، ومن لم يعتقد ذلك فقد تشبَّه بأهل الشرك، ولذلك قال وما منا أي: ليس على سنتنا.
وقوله إلا هي إلا الاستثنائية، ومعنى ذلك أن المتطيِّر ليس على سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أن يمضي لوجهه ويعرض عنها، غير أنه قد لا يقدر على الانفكاك (¬3) عنها بحيث لا تخطر له مرة واحدة، فإنَّ إزالة تأثيرها من النفوس لا تدخل تحت استطاعتنا، ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث معاوية بن الحكم - لما قال له: ومنا رجال يتطيَّرون - فقال: ذلك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدَّهم، وفي بعض النسخ فلا يضرَّهم، لكنه إذا صحَّ تفويضه إلى الله تعالى وتوكله عليه وداوم على ذلك أذهب الله تعالى ذلك عنه، ولذلك قال: ولكن الله يذهبه بالتوكل (¬4)، وقد روى أبو أحمد بن عدي من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه صلى الله عليه وسلم قال: إذا تطيرتم فامضوا، وعلى الله فتوكلوا (¬5).
¬__________
(¬1) رواه أحمد (3/ 491)، وابن حبان (633) الإحسان.
(¬2) رواه أبو داود (3910)، وابن ماجه (3538).
(¬3) في (م 2): الانكفاف.
(¬4) رواه أحمد (5/ 447)، ومسلم (537)، وأبو داود (930) و (3282).
(¬5) رواه ابن عدي في الكامل (4/ 1523) وإسناده لين. انظر الفتح (12/ 323).
الصفحة 628
648