كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)

التَّسبِيحُ أَهلَ هَذِهِ السَّمَاءِ الدُّنيَا، ثُمَّ قَالَ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ العَرشِ لِحَمَلَةِ العَرشِ: مَاذَا قَالَ رَبُّكُم؟ فَيُخبِرُونَهُم مَاذَا قَالَ، فَيَستَخبِرُ بَعضُ أَهلِ السَّمَاوَاتِ بَعضًا حَتَّى يَبلُغَ الخَبَرُ هَذِهِ السَّمَاءَ الدُّنيَا، فَيخطَفُ الجِنُّ السَّمعَ فَيَقذِفُونَ إِلَى أَولِيَائِهِم، وَيُرمَونَ بِهِ، فَمَا جَاؤوا بِهِ عَلَى وَجهِهِ فَهُوَ حَقٌّ، وَلَكِنَّهُم يَقرفُونَ فِيهِ وَيَزِيدُونَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تليهم، وهكذا ينتهي التسبيح لملائكة سماء الدنيا، ثم يتساءلون فيما بينهم: ماذا قال ربكم؟ على الترتيب المذكور في الحديث.
ففيه ما يدل على أن حملة العرش أفضل الملائكة وأعلاهم منزلة، وأن فضائل الملائكة على حسب مراتبهم في السماوات، وأن الكل منهم لا يعلمون شيئًا من الأمور إلا بأن يعلمهم الله تعالى به، كما قال تعالى: {عَالِمُ الغَيبِ فَلا يُظهِرُ عَلَى غَيبِهِ أَحَدًا * إِلا مَنِ ارتَضَى مِن رَسُولٍ}
وفيه ما يدل على أن علوم الملائكة بالكائنات يستفيده بعضهم من بعض إلا حملة العرش؛ فإنهم يستفيدون علومهم من الحق سبحانه وتعالى، فإنَّهم هم المبدوؤون بالإعلام أولًا، ثم إن ملائكة كل سماء تستفيد من التي فوقها، وفي هذا دليل على أن النجوم لا يعرف بها علم الغيب ولا القضاء، ولو كان كذلك لكانت الملائكة أعلم بذلك وأحق به، وكل ما يتعاطاه المنجمون من ذلك فليس شيء منه علمًا يقينًا، وإنَّما هو رجم بظن وتخمين بوهم، الإصابة فيه نادرة، والخطأ والكذب فيه غالب، وهذا مشاهد من أحوال المنجمين، والمطلوب من العلوم النجوميات ما يهتدى به في الظلمات وتعرف به الأوقات، وما سوى ذلك فمخارق وتُرَّهات، ويكفي في الرد عليهم ظهور كذبهم واضطراب قولهم، وقد اتفقت الشرائع على أن القضاء بالنجوم محرَّم مذموم.
وقوله ولكنهم يقرفون فيه ويزيدون، هكذا عند ابن ماهان، وهو من القرف وهو الخلط - قاله صاحب الأفعال؛ أي: يخلطون فيها من الكذب.

الصفحة 638