كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)

وَقَضَى بِدِيَةِ المَرأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَوَرَّثَهَا وَلَدَهَا وَمَن مَعَهُم، فَقَالَ حَمَلُ بنُ النَّابِغَةِ الهُذَلِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وكَيفَ أَغرَمُ مَن لَا شَرِبَ، وَلَا أَكَلَ، وَلَا نَطَقَ وَلَا استَهَلَّ؟ ! فَمِثلُ ذَلِكَ يُطَلُّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا هَذَا مِن إِخوَانِ الكُهَّانِ، مِن أَجلِ سَجعِهِ الَّذِي سَجَعَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إن كان الضارب هو الأب لم يرث من الغرَّة شيئًا. وقال الليث، وربيعة: هي للأم خاصَّة.
و(قول حمل بن النابغة: أنغرم من لا شربَ، ولا أكلَ، ولا نطقَ، ولا استهلَ) يدل: على أن عاقلة الجاني تحمل الغرَّة كما هو أحد القولين.
و(قوله: فمثل ذلك يُطَلُّ) رويناه بالياء باثنتين من تحتها، بمعنى: يُهدر [ولا يطلب به] (¬1). ورويناه بالباء بواحدة من تحتها، من البطلان؛ أي: هو ممن ينبغي أن يبطل. والمعنيان يرجعان إلى شيء واحد؛ أي: هذا لا ينبغي فيه شيء.
و(قوله - صلى الله عليه وسلم -: إنَّما هذا من إخوان الكهَّان) فسَّره الراوي: بقوله: من أجل سجعه؛ يعني بذلك: أنه تشبَّه بالكهَّان، فسجع كما يسجعون حين يخبرون عن المغيِّبات، كما قد ذكر ابن إسحاق من سجع شقّ وسطيح (¬2) وغيرهما. وهي عادةٌ مستمرَّة في الكهَّان. وقيل: إنما أنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك السَّجع لأنه جاء به في مقابلة حكم الله مستبعدًا له، ولا يذمُّ من حيث السَّجع؛ [لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد تكلم بكلام يشبه السجع] (¬3) في غير ما موضع. وقيل: إنما أنكر عليه تكلّف الإسجاع على طرق الكهَّان وحوشية الأعراب. وليس بسجع فصحاء العرب، ولا على مقاطعها.
قلت: وهذا القول الأخير إنَّما يصحُّ أن يقال على قوله - صلى الله عليه وسلم -: (أسجع
¬__________
(¬1) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(¬2) شقّ وسطيح: كاهنان من كهّان العرب.
(¬3) ما بين حاصرتين ساقط من (ج 2).

الصفحة 64