كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)

[1777] وعن أبي هريرة، قال: قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: لعن الله السارق، يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أنَّها لا تقطع إلا في عشرة دراهم. وبه قال عطاء، والنُّعمان، وصاحباه.
ومنها: أنها تقطع في أربعة دراهم فصاعدًا. وهو مروي عن أبي هريرة، وأبي سعيد.
ومنها: أنها تقطع في درهم فما فوقه، وهو مروي عن عثمان.
ومنها: أنها تقطع في كل ما له قيمة، وروي عن الحسن في أحد أقواله، وهو قول الخوارج، وأهل الظاهر. [واختاره ابن بنت الشافعي] (¬1).
ومنها: أنها لا تقطع في أقل من درهمين، وروي عن الحسن.
ومنها: أنها لا تقطع في أقل من أربعين درهما، أو أربعة دنانير. وروي عن النخعي.
قلت: وهذه كلها أقوال متكافئة، خلية عن الأدلة الواضحة الشافية، ولا يصحُّ ما رواه الحجَّاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه مرفوعًا: (لا تقطع يد السَّارق في أقل من عشرة دراهم) (¬2) لضعف إسناده، ولما يعارضه من قوله في الصحيح: (لا تقطع يد السَّارق إلا في ربع دينار فصاعدًا). ولا حجَّة لمن احتجَّ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لعن الله السَّارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده) لأنَّه وإن احتمل أن يراد بالبيضة بيضة الحديد، وبالحبل حب السُّفن، كما قد قيل فيه: فالأظهر من مساقه: أنَّه يراد به التقليل، لكن أقل ذلك القليل مقيَّد بقوله: (لا تقطع يد السَّارق إلا في ربع دينار)، وهذا نصٌّ، وبقول عائشة: لم تكن يد السَّارق تقطع في الشيء التَّافه، خرَّجه البخاري (¬3) وغيره. وهذا منها خبر عن عادة الشرع الجارية عندهم. ومعلوم: أن الواحدة من بيض الدَّجاج، والحبل الذي يشدّ
¬__________
(¬1) ما بين حاصرتين زيادة من (ج 2).
(¬2) ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 273).
(¬3) ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح (12/ 104) بلفظ: "إن اليد لا تقطع في الشيء التافه" عن عائشة رضي الله عنها.

الصفحة 73