كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أبي سليمان، ومالك، وأحمد، وإسحاق. ولم ير مالك، والأوزاعي على النساء نفيًا. وروي مثله عن علي بن أبي طالب بناءً على تخصيص حديث النفي.
أما في الأَمَة: فبقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ثلاثًا). ثم قال بعد ذلك: (ثم إن زنت فبيعوها ولو بِضَفِير) (¬1)، ولم يذكر النفي، وهو موضع بيان، ووقته، لا يجوز تأخيره عنه، ولأن تغريب المملوك عقوبة لمالكه يمنعه من منافعه في مدة تغريبه، ولا يناسب ذلك تصرُّف الشرع، فلا يعاقب غير الجاني، ألا ترى أن العبد لا يجب عليه الحجَّ، ولا الجمعة، ولا الجهاد لحق السيِّد؛ فِبأن لا يغرب أولى.
وإمَّا في حق الحرَّة: فلأنها لا تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم أو زوج، فإن أوجبنا التغريب على هؤلاء معها كنا قد عاقبناهم وهم برءاءُ، وإن لم نوجبه عليهم لم يجز لها أن تسافر وحدها فتعذَّر سفرها. فإن قيل: تسافر مع رفقة مأمونة أو النساء؛ كما يقوله مالك في سفر الحجّ. فالجواب: إن ذلك من مالك سعي في تحصيل وظيفة الحجّ لعظمها وتأكد أمرها، بخلاف الزانية؛ فإن المقصود منه المبالغة في الزجر والنكال، وذلك حاصل بالجلد، ولأن إخراج المرأة من بيتها الأصل منعه.
ألا ترى: أن صلاتها في بيتها أفضل، ولا تخرج منه في العِدَة. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (أَعرُوا النساء يَلزَمن الحِجالَ) (¬2).
وحاصل ذلك: أن في إخراجها من بيتها إلى بلد آخر تعريضها لكشف عورتها، وتضييعا لحالها، وربما يكون ذلك سببًا لوقوعها فيما أخرجت من سببه، وهو الفاحشة. ومآل هذا البحث تخصيص عموم التغريب بالمصلحة المشهود لها بالاعتبار، وهو مختلف فيه، كما ذكرناه في الأصول.
¬__________
(¬1) رواه أحمد (4/ 117)، والبخاري (2153)، ومسلم (1704) (33)، وأبو داود (4469)، وابن ماجه (2565).
(¬2) رواه الطبراني في الكبير (19/ 1063)، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (5/ 138) وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه مجمع بن كعب ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وانظر: تنزيه الشريعة (2/ 212).

الصفحة 83