كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)

سَنَةٍ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم.
رواه أحمد (5/ 313)، ومسلم (1690) (12)، وأبو داود (4416)، والترمذي (1434).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
و(قوله: والثيِّب بالثيِّب جلد مائة والرَّجم) الثيب هنا: هو المحصن، وهو البالغ، العاقل، الحرّ، المسلم، الواطئ وطئًا مباحًا في عقد صحيح. هذه شروط الإحصان عند مالك، وقد اختلف في بعضها. ولبيان ذلك موضع آخر. فإذا زنى المحصن وجب الرَّجم بإجماع المسلمين، ولا التفات لإنكار الخوارجِ والنّظَّامِ (¬1) الرَّجمَ، إمَّا لأنهم ليسوا بمسلمين عند من يكفِّرهم، وإما لأنَّهم لا يعتد بخلافهم؛ لظهور بدعتهم وفسقهم على ما قرَّرناه في الأصول.
وهل يجمع عليه الجلد والرَّجم؟ كما هو ظاهر هذا الحديث؛ وبه قال الحسن البصري، وإسحاق، وداود، وأهل الظاهر. وروي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: أنَّه جمع ذلك على شراحة، وقال: جلدتها بكتاب الله، ورجمتها بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أو يقتصر على الرَّجم وحده؟ وهو مذهب الجمهور، متمسكين بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجم ماعزًا والغامدية ولم يجلدهما، وقال: (اغدُ يا أُنَيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها) (¬2)، ولم يذكر الجلد، فلو كان مشروعًا لما سكت عنه، وكأنَّهم رأوا: أن هذا أرجح من حديث الجمع بين الجلد والرَّجم، إما لأنَّه منسوخ إن عرف التاريخ، وإمَّا لأن العمل المتكرر من النبي - صلى الله عليه وسلم - في أوقات متعددة أثبت في النفوس، وأوضح، فيكون أرجح. وقد شذَّت طائفة فقالت: يجمع الجلد والرجم على الشيخ، ويُجلد الشابُّ تمسُّكًا بلفظ الشيخ. وهو خطأ، فإنَّه قد سَمَّاه في الحديث الآخر: الثيب.
¬__________
(¬1) هو إبراهيم بن سيّار، من أئمة المعتزلة. توفي سنة (231 هـ).
(¬2) رواه البخاري (2315)، ومسلم (1697)، وأبو داود (4445)، والنسائي (8/ 240 - 241)، وابن ماجه (2549).

الصفحة 84