كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)

[1781] وعن عَبد اللَّهِ بن عَبَّاسٍ قَالَ: قال عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ - وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى مِنبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالحَقِّ، وَأَنزَلَ عَلَيهِ الكِتَابَ، فَكَانَ مِمَّا أُنزِلَ الله عَلَيهِ آيَةُ الرَّجمِ، قَرَأنَاهَا، وَوَعَينَاهَا، وَعَقَلنَاهَا، فَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَرَجَمنَا بَعدَهُ، فَأَخشَى إِن طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَن يَقُولَ قَائِلٌ: مَا نَجِدُ الرَّجمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ! فَيَضِلُّوا بِتَركِ فَرِيضَةٍ أَنزَلَهَا اللَّهُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
و(قوله في الأصل (¬1): كرب لذلك وتَرَبَّد وجهه) أي: أصابه كربٌ، وعلت وجهه غَبَرَةٌ. والرَّبدة: تغيير البياض للسواد، وقد تقدم في الإيمان.
و(قول عمر: كان مما أنزل الله تعالى على نبيه - صلى الله عليه وسلم - آية الرَّجم، فقرأناها، ووعيناها، وعقلناها) هذا نصٌّ من عمر - رضي الله عنه - على أنَّ هذا كان قرآنًا يُتلى. وفي آخره ما يدلُّ على أنَّه نُسخ كَونُها من القرآن، وبقي حُكمُها معمولًا به، وهو الرَّجم. وقال ذلك عمر بمحضرِ الصحابة - رضي الله عنهم -. وفي مَعدن الوحي، وشاعت هذه الخطبة في المسلمين، وتناقلها الرُّكبان، ولم يسمع في الصحابة ولا فيمن بعدهم من أنكر شيئًا مِمَّا قاله عمر، ولا راجعه لا في حياته ولا بعد موته، فكان ذلك إجماعًا منهم على صحة هذا النوع من النسخ. وهو نسخ التلاوة مع بقاء الحكم، ولا يلتفت لخلاف من تأخر زمانه، وقل علمه في ذلك.
وقد بيَّنا في الأصول: أن النسخ على ثلاثة أضرب: نسخ التلاوة، ونسخ الحكم مع بقاء التلاوة، ونسخ التلاوة مع بقاء الحكم.
و(قوله: فرجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده) يعني: نفسه وأبا بكر - رضي الله عنهما -.
و(قوله: فأخشى إن طال زمان أن يقول قائل: ما نجدُ الرَّجم في كتاب الله فيضلُّوا بترك فريضةٍ أنزلها الله تعالى) هذا الذي توقعه عمر قد وقع بعده للخوارج،
¬__________
(¬1) أي: في مسلم، الحديث رقم (1690) (13).

الصفحة 85