كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، طَهِّرنِي، فَقَالَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: وَيحَكَ! ارجِع فَاستَغفِر اللَّهَ وَتُب إِلَيهِ. قَالَ: فَرَجَعَ غَيرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، طَهِّرنِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مِثلَ ذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كَانَت الرَّابِعَةُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: فِيمَ أُطَهِّرُكَ؟ . فَقَالَ: مِن الزِّنَى، فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: أَبِهِ جُنُونٌ؟ . فَأُخبِرَ أَنَّهُ لَيسَ بِمَجنُونٍ، فَقَالَ: أَشَرِبَ خَمرًا؟ . فَقَامَ رَجُلٌ فَاستَنكَهَهُ، فَلَم يَجِد مِنهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فإنَّه من يُبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله) (¬1). فأمَّا حقوق الآدميين: فلا بدَّ مع التوبة من الخروج منها.
و(قوله - صلى الله عليه وسلم -: أبه جنون؟ ) هذا سؤال أوجبه ما ظهر على السَّائل من الحال التي تشبه حال المجنون، وذلك: أنَّه جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منتفش الشعر، ليس عليه رداء، يقول: زنيت فطهرني. كما قد صحَّ في الرِّواية، وإلا فليس من المناسب أن ينسب الجنون إلى من أتى على هيئة العقلاء، وأتى بكلام منتظم مُقيد، لا سيما إذا كان فيه طلب الخروج من مأثم.
و(قوله: أَشرِبَ (¬2) خمرًا؟ واستِنكَاهُهُم له) يدلُّ على أن مَن وجدت منه رائحة الخمر حكم له بحكم من شربها. وهو مذهب مالك، والشافعي. وهو قول عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وعمر بن عبد العزيز. وقال آخرون: لا يُحَدُّ بالرِّيح بل بالاعتراف، أو البيِّنة، أو يُوجد سكران. وإليه ذهب عطاء وعمرو بن دينار، والثوري، غير أنه قال: يعزر من وجد منه ريح الخمر.
وفيه من الفقه ما يدلُّ على أن المجنون لا تعتبر أقواله، ولا يتعلَّق بها حكم، وهذا لا يختلف فيه.
¬__________
(¬1) رواه مالك في الموطأ (2/ 825).
(¬2) في (م) و (م 2) و (ل 1): و (ز): أشربت.

الصفحة 89