كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)

رِيحَ خَمرٍ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: أَزَنَيتَ؟ . فَقَالَ: نَعَم،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يستعيد إقرارها بذلك أربع مرَّات. وأما تكرار اعتراف ماعز فإنما كان لأجل إعراضه عنه - صلى الله عليه وسلم - في الثلاث المرَّات ليستر نفسه، وليتوب، ولم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بإعادة ذلك. وأمَّا قياسهم الإقرار على الشهادة فليس بصحيح، للفرق بينهما من وجوه متعددة. وذلك: أن إقرار الفاسق والعبد على نفسه مقبول بخلاف شهادتهما، ويكفي منه في سائر الحقوق مرة واحدة بالإجماع، إلا من شذَّ فقال: إنَّ الإقرار بالقتل لا يكون إلا مرَّتين كالشهادة به، ولو كان الإقرار كالشَّهادة مطلقًا لاشترط فيه العدد مطلقًا، ولو كان كالشهادة لما قُبل إقرار المرأة على نفسها بأنها جُرِحت أو أعتقت؛ لأنَّها لا تقبل شهادتها في ذلك، فبطل تمسكهم بالخبر والقياس. والله الموفق.
و(قوله: أزنيتَ؟ فقال: نعم) جاء هذا المعنى في كتاب أبي داود بأوضح من هذا: قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أنكتها؟ ) قال: نعم. قال: (حتى غاب ذلك منك في ذلك منها؟ ) قال: نعم. قال: (كما يغيب المِروَد في المُكحُلَة، والرِّشاء في البِئر؟ ) قال: نعم. قال: (هل تدري ما الزنى؟ ) قال: نعم، أتيتُ منها حرامًا ما يأتي الرَّجُل من أهله حلالًا) (¬1). وهذا منه - صلى الله عليه وسلم - أخذ لماعز بغاية النصّ الرافع لجميع الاحتمالات كلها تحقيقًا للأسباب، وسعيًا في صيانة الدماء. ثمَّ لما فرغ - صلى الله عليه وسلم - من استفصاله (¬2) عن ذلك سأله عن الإحصان. فقال: (هل أحصنت؟ ) قال: نعم؛ يعني: هل تزوجت تزويجًا صحيحًا، ووطئت وطئًا مباحًا؟ فعندما أجابه بنعم، أمر برجمه، وذلك عند تحقق السبب الذي هو الزنى بشرطه؛ الذي هو الإحصان. وقد أخذ علماؤنا من حديث أبي داود: أن شهود الزنى يصفون الزنى كما وصف ماعز، فيقول الشاهد: رأيت فرجه في فرجها كالمرود في المكحلة. وإليه ذهب معاوية، والزهري، ومالك، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
¬__________
(¬1) رواه أبو داود (4428).
(¬2) في (ل 1) و (م 3) و (ز): استقصائه.

الصفحة 91