كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(لقد تاب توبة لو قُسِمَت بين أُمَّةٍ لوسعتهم). والأمَّة: الجماعة من الناس. وقد يقال على الجماعة مما لا يعقل. فيقال: أمَّة من الحمير، ومن الطير. ومنه قوله تعالى: {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيهِ إِلا أُمَمٌ أَمثَالُكُم} ويعني بالأمَّة في هذا الحديث السبعين الذين ذكروا في حديث الغامدية. وزاد أبو داود من رواية ابن عباس: أن ماعزًا لما رجم سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلين من أصحابه يقول أحدهما لصاحبه: انظر إلى هذا الذي ستر الله عليه، فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب، فسكت عنهما، ثم سار ساعة حتى مرَّ بجيفة حمار شائلٍ بِرِجلِه. فقال: (أين فلان وفلان؟ ) فقالا: نحن ذانِ يا رسول الله! فقال: (انزلا وكلا من جيفة هذا الحمار) فقالا: يا رسول الله! من يأكل من هذا؟ قال: (فما نِلتُما من عِرضِ أَخِيكُما آنفًا أشد من أكلٍ منه، والذي نفسي بيده! إنَّه الآن في أنهار الجنة ينغمسُ فيها) (¬1).
قلت: فهذه الروايات كلها متواردة على أن الحدّ كفارة، كما جاء في حديث عبادة بن الصامت حيث قال: (فمن أصاب شيئًا من ذلك فعوقب به فهو كفارة) (¬2).
وقد زاد أبو داود في حديث ماعز من حديث خالد بن اللجلاج: أنه لَمَّا رجم جاء رجل يسأل عن المرجوم، فانطلقنا به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلنا: هذا جاء يسأل عن الخبيث. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لهو أطيب عند الله من ريح المسك)، فإذا هو أبوه، فأعنَّاه على غسله وتكفينه، ودفنه. قال: وما أدري؛ قال: والصلاة عليه، أم لا (¬3)؟
¬__________
(¬1) رواه أبو داود (4428)، والدارقطني (3/ 196 - 197)، والبيهقي (8/ 227 - 228).
(¬2) رواه البخاري (7213)، ومسلم (1709)، والترمذي (1439)، والنسائي (7/ 148).
(¬3) رواه أبو داود (4435).
الصفحة 94
648