كتاب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (اسم الجزء: 5)

النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: قَد وَضَعَت الغَامِدِيَّةُ، فَقَالَ: إِذًا لَا نَرجُمُهَا وَنَدَعُ وَلَدَهَا صَغِيرًا، لَيسَ لَهُ مَن يُرضِعُهُ. فَقَامَ رَجُلٌ مِن الأَنصَارِ فَقَالَ: إِلَيَّ رَضَاعُهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَالَ: فَرَجَمَهَا.
رواه أحمد (5/ 347 و 348)، ومسلم (1695) (22)، والنسائي في الكبرى (7163).
* * *
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لا خلاف فيه إلا شيء روي عن أبي حنيفة على خلاف عنه فيه.
وقال في الرواية الأخرى: (إمَّا لا، فاذهبي حتى تلدي) إمَّا: بكسر الهمزة التي هي همزته (إن) الشَّرطية، زيدت عليها (ما) المؤكدة؛ بدليل دخول الفاء في جوابها. و (لا) التي بعدها للنفي. فكأنه قال: إن رأيت أن تستري على نفسك وترجعي عن إقرارك فافعلي، وإن لم تفعلي فاذهبي حتى تلدي.
ثمَّ اختلف العلماء فيها إذا وضعت. فقال مالك: إذا وضعت رجمت، ولم ينتظر بها إلى أن تكفل ولدها. وقاله أبو حنيفة، والشافعي في أحد قوليه. وهذا قول من لم تبلغه هذه الرواية التي فيها تأخير الغامدية إلى أن فطمت ولدها. وقد روي عن مالك: أنها لا ترجم حتى تجد من يكفل ولدها بعد الرَّضاع. وهو مشهور قول مالك، والشافعي، وقول أحمد، وإسحاق.
وقد اختلفت الروايات في رجمها متى كان؟ هل كان قبل فطام الولد، أو بعد فطامه. والأولى: رواية من روى: أنها لم ترجم حتى فطمت ولدها، ووجدت من يكفله؛ لأنَّها مُثبِتةٌ حكما زائدًا على الرواية الأخرى التي ليس فيها ذلك، ولمراعاة حق الولد. وإذا روعي حقه وهو جنين، فلا ترجم لأجله بالإجماع، فمراعاته إذا خرج للوجود أولى.
ويستفاد من هذه الرِّواية: أن الحدود لا يبطلها طول الأزمان. وهو مذهب الجمهور. وقد شذَّ بعضهم فقال: إذا طال الزمان على الحدّ بطل. قاله أبو حنيفة في الشهادة بالزِّنى والسَّرِقة القَدِيمين. وهو قول لا أصل له.

الصفحة 97