كتاب شرح ألفية ابن مالك للشاطبي = المقاصد الشافية (اسم الجزء: 5)

وما آخره غير راء فهو الذي يعربونه غير منصرف. وأين هذا من كلام الناظم؟ فيقتضي أن نحو (سفارِ) معرب عند بني تميم مطلقا، وليس كذلك.
والجواب عن الأول أن قوله: "علمًا" يبين أنه لا يريد إلا ما سمي به مؤنث. وبيان ذلك: أن (فعال) تقرر في السؤال أنه في أصل وضعه معرفة معدول، وإذا كان كذلك فكان اجتزاؤه بأن يقول: "وابنِ على الكسر فعال مطلقًا" كافيًا، لأنه على تقدير: وفي كل نوع كذلك، فصارت فائدة قوله: "علمًا" ساقطة.
وكذلك قوله: "مؤنثًا" لأنه قد تقرر تأنيثه، ولما كان قد حافظ على ذكر قيد العلمية والتأنيث، دل ذلك على قصد إليهما، وتعريف بمعنى لا فيهما، وما ذاك إلا ما كان عند التسمية.
وأيضا، فلفظ العلم إنما الغالب في استعماله ما كان مسمًى به، وواقعًا على الأناسي، وما يألفون ذلك ثانٍ عن أصل الوضع، فليس معنى كونه علمًا مؤنثًا إلا كونه مسمًى به، وذلك يشمل ما سمت العرب به، نحو: حذامِ، ورقاشِ، وما سمينا نحن به من سائر الأقسام.
وهنا يظهر لقيد التأنيث فائدة هي مقصودة للناظم أيضا، وهي حاصلة من مفهوم تلك الصفة، أن هذه الأشياء إذا كانت علما لمذكر فلا يكون حكمها البناء؛ بل غيره.
وقد تقدم اشتمال القاعدة الأولى من العدل عليه، فهو إذًا مما يمتنع صرفه مطلقًا في لغة الحجازيين ولغة التميميين معًا، وهذا هو الأشهر فيه.

الصفحة 678