كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 5)

الثالث: لم يقل الإمام أبو حنيفة بمقتضى هذا الحديث، وكذا إبراهيم النخعي، والحسن البصري، والشعبي في رواية، وكذا أبو يوسف، ومحمد، وزفر، فقال هؤلاء: بائع السلعة له أسوة الغرماء.
وقد صح عن عمر بن عبد العزيز: أن من اقتضى من ثمن سلعته شيئًا، ثم أفلس، فهو والغرماء فيه سواء، وهو قول الزهري.
قلت: ونحن نلتزم هذا، ونقول به، وقد روي عن علي - رضي الله عنه - نحوُ ذلك (١).
الرابع: دلالة الحديث على الرجوع في الفلس قوية جدًا، حتى قيل: إنه لا تأويل له.
وقال الإصطخري -من الشافعية-: لو قضى القاضي بخلافه، نقض حكمه.
وقد صرح علماؤنا بذلك.
وعبارة "الإقناع": ولو حكم حاكم بكونه أسوةَ الغرماء، نقض حكمه نصًا؛ أي: نص عليه الإمام أحمد - رضي الله عنه (٢) -.
وقال القرطبي في "المفهم": تعسف بعضُ الحنفية في تأويل هذا الحديث بتأويلات لا تقوم على أساس (٣).
وقال النووي: فأولوه بتأويلات ضعيفة مردودة (٤).
---------------
= (١٢/ ٢٣٨)، وعنه نقل الشارح -رحمه الله-.
(١) انظر: "عمدة القاري" للعيني (١٢/ ٢٤٠).
(٢) انظر: "الإقناع" للحجاوي (٢/ ٣٩٦).
(٣) انظر: "المفهم" للقرطبي (٤/ ٤٣٣).
(٤) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ٢٢٢).

الصفحة 34