كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 5)

منه أمره -يعني: يستشيره (فيها) بأن يتصدق بها، أو يوقفها، (فقال) عمرُ - رضي الله عنه -: (يا رسول الله! إنِّي أصبت أرضًا بخيبر)، واسم تلك الأرض: ثَمْغ -بفتح الثاء المثلثة وسكون الميم، فغين معجمة-، وفي "القاموس": ثَمَغَ: خلطَ البياض بالسواد، ورأسَه بالحناء، وثَمْغ -بالفتح-: مال بالمدينة كان لعمر - رضي الله عنه -، انتهى (١).
وفي "المطالع": ثَمْغ -بإسكان الميم-، وقيده المهلب -بفتحها-: موضع مال عمر - رضي الله عنه - المحبس، انتهى (٢).
(لم أصب مالًا قط أنفسَ)؛ أي: أجود وأعجب - (عندي منه).
وفيه: دليل على ما كان أكابرُ السلف والصالحين عليه من إخراج أنفَسِ الأموال عندهم لله تعالى (٣).
(فما تأمرني به؟) أي: بذلك المال النفيس الذي هو الأرض التي أصابها من خيبر، (قال) له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (إن شئتَ حَبَّسْتَ أصلَها)؛ يعني: رقبة الأرض.
(وتصدقتَ بها)؛ أي: بثمرتها، ويحتمل أن يكون راجعًا إلى الأصل المحبَّس، وهو ظاهر اللفظ.
ويتعلق بذلك ما تكلم فيه الفقهاء من ألفاظ التحبيس التي منها الصدقة، ومن قالك منهم بأنه لا بد من لفظ يقترن به يدل على معنى الوقف (٤).
قلت: صرح علماؤنا بأن صريح الوقف: وَقَفْت، وحَبَّسْت، وسَبَّلْت،
---------------
(١) انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: ١٠٠٨)، (مادة: ثمغ).
(٢) وانظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ١٣٦).
(٣) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٣/ ٢١٠).
(٤) المرجع السابق، الموضع نفسه.

الصفحة 50