كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 5)

ويكفي أحدُها، وكنايته: تصدَّقت، وحرَّمت، وأبَّدت، ولا يصح بالكناية إِلَّا أن ينويه، أو يقرن به أحد الألفاظ الخمسة، بأن يقول مثلًا: تصدقت صدقة موقوفة، أو محبسة، أو مسبلة، أو مؤبدة، أو يصفها بصفات الوقف، فيقول: لا تباع، ولا توهب، ولا تورث، أو يقول: تصدقت بأرضي على فلان، والنظر لي أيام حياتي، أو لفلان، ثم من بعده لفلان، وكذا لو قال: تصدقت به على فلان، ثم من بعده على ولده، أو على فلان، أو تصدقت به على قبيلة كذا، أو طائفة كذا.
ولو قال: تصدقت بداري على فلان، ثمّ قال بعد ذلك: أردت الوقف، ولم يصدقه فلان، لم يقبل قول المتصدق في الحكم (١).
وإنما قال له - صلى الله عليه وسلم -: "إن شئت"، ليعلمه أنه مخير.
وربما استدل بهذا الحديث: أن ظاهر الأمر للوجوب، وإلا لما احتاج إلى قوله: "إن شئت".
(قال)؛ أي: ابن عمر - رضي الله عنهما -: (فتصدَّقَ)؛ أي: (عمر) - رضي الله عنه - (بها)؛ أي: بَغلَّتِها، (غير أنه)؛ أي: الشأن والأمر (لا يباع أصلُها) الذي هو رقبة الأرض، وهذا حكم شرعي ثابت للوقف من حيث هو وقف، ويحتمل من حيث اللفظ أن يكون ذلك إرشادًا إلى شرط هذا الأمر في هذا الوقف، فيكون ثبوته بالشرط لا بالشرع (٢).
(ولا يورث) أصلها (ولا يوهب).
(قال) ابن عمر - رضي الله عنهما -: (فتصدق) بها؛ أي: بالأرض المذكورة- (عمرُ) بنُ الخطاب - رضي الله عنه -.
---------------
(١) انظر: "غاية المنتهى" للشيخ مرعي (٤/ ٢٧٣ - ٢٧٤).
(٢) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٣/ ٢١١ - ٢١٢).

الصفحة 51