كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 5)

والقائل له ذلك: علي بن أبي طالب كما في "مسلم" من حديثه، قال: قلت: يا رسول الله! ما لك تَنَوَّقُ في قريش وتدعُنا؟ قال: "وعندَكم شيء؟ "، قلت: نعم، ابنةُ حمزة، الحديث (١).
قوله: تَنَوَّقُ ضبط -بفتح المثناة والنون وتشديد الواو بعدها قاف-؛ أي: تختار، مشتق من النِّيقَة -بكسر النون وسكون التحتية بعدها قاف-، وهي الخيار من الشيء، يقال: تَنَوَّقَ تَنَوُّقًا؛ أي: بالغ في اختيار الشيء وانتقائه.
وعند بعض رواة مسلم: تَتُوق -بمثناة مضمومة بدل النون وسكون الواو- من التَّوْق؛ أي: تميل وتشتهي.
ووقع عند سعيد بن منصور من طريق سعيد بن المسيَّب، قال علي: يا رسول الله! ألا تتزوج بنتَ عمك حمزة؟ فإنها من أحسن فتاة في قريش (٢)، وكأنَّ عليًّا لم يعلم أنّ حمزة رضيعُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو جوَّزَ الخصوصية، أو كان ذلك قبل تقرير الحكم، قال القرطبي: وبعيدٌ أن يقال عن علي: لم يعلم بتحريم ذلك (٣).
لأنه (يَحْرُم من الرضاع ما يَحْرُم من النسب) كما يأتي تقرير ذلك، (وهي)؛ أي: ابنة حمزة، (ابنةُ أخي من الرضاعة).
قال بعض العلماء: يستثنى من [عموم] (٤) قوله: "يَحْرُم من الرضاع
---------------
(١) رواه مسلم (١٤٤٦)، كتاب: الرضاع، باب: تحريم ابنة الأخ من الرضاعة.
(٢) رواه سعيد بن منصور في "سننه" (١/ ٢٧٢).
(٣) انظر: "المفهم" للقرطبي (٤/ ١٨٠). وانظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ١٤٢).
(٤) ما بين معكوفين ساقطة من "ب".

الصفحة 616