كتاب ملء العيبة

وفوض إليه ملقيا مقاليد تلك الأمانة، رضي الله عنهما وجزاهما أفضل ما جزي صاحبي نبي عنه.
ثم زرنا بالبقيع قبر أمير المؤمنين ذو النورين وثالث العمرين رضوان الله عليه وقبره في طرف البقيع بقيع الغرقد بالموضع المعروف بحش كوكب، ودفنت معه في قبة واحدة فاطمة بنت أسد رضي الله عنها أم أمير المؤمنين وابن عم سيد المرسلين أبي الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقرأنا على مهد قبرها منقوشا: «ما ضم قبر أم أحد، كفاطمة بنت أسد» .
وفاطمة هذه هي بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، أم علي وإخوته، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي، وهاجرت إلى المدينة وبها ماتت، وشهدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم، وألبسها قميصه، واضطجع معها في قبرها، فسئل عن ذلك فقال: «لم يكن أحد بعد أبي طالب أبر بي منها، ألبستها قميصي لتكسي من حلل الجنة، وأضجعت معها ليهون عليها» وزرنا من عرف قبره من الصحابة رضوان الله عليهم والصحابيات، وقبر إمام دار الهجرة أبي عبد الله مالك بن أنس رضوان الله عليه، وخرجنا ماشين إلى قباء اقتداء بزيارته صلى الله عليه وسلم إياها، وصلينا في مسجدها في الموضع الذي يقال إنه كان صلى الله عليه وسلم يصلي فيه، وشربنا من العين التي هنالك، والحمد لله على نعمة الصافية وآلائه الضافية.

الصفحة 19