كتاب موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية (اسم الجزء: 5)
وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (7)} (¬1) ولا يعني وخالقوه، لأنه قد كان مخلوقاً، وإنما جعله مرسلاً بعد خلقه. وقال إبراهيم: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا} (¬2) لا يعني: رب اخلق هذا البلد، لأن البلد كان مخلوقاً، ألا تراه يقول: هذا البلد؟ وقال: {فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ} (¬3) لا يريد: حتى خلقناهم حصيداً. وقال إبراهيم: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} (¬4) لا يعني: رب اخلقني. وقال إبراهيم وإسماعيل: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ} (¬5) ولم يريدا: واخلقنا مسلمين لك لأن خلقهما قد تقدم قبل قولهما، فهذا ونحوه في القرآن كثير، مما لفظه "جعل" على غير معنى "خلق".
وكذلك قوله: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا} (¬6) إنما جعله عربياً ليفهم ويبين للذين نزل عليهم من العرب، ألم تسمع إلى قوله: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ} (¬7)؟ وقال في موضع آخر: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا
¬_________
(¬1) القصص الآية (7).
(¬2) إبراهيم الآية (35).
(¬3) الأنبياء الآية (15).
(¬4) إبراهيم الآية (40).
(¬5) البقرة الآية (128).
(¬6) الزخرف الآية (3).
(¬7) مريم الآية (97).