كتاب موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية (اسم الجزء: 5)

عز وجل: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} (¬1)، أفلا ترون أن كل محدث مخلوق؟ فوهم على الضعفاء والأحداث وأهل الغباوة وموه عليهم، فيقال له: إن الذي لم يزل به عالماً لا يكون محدثاً، فعلمه أزلي كما أنه هو أزلي، وفعله مضمر في علمه، وإنما يكون محدثاً ما لم يكن به عالماً حتى علمه، فيقول: إن الله عز وجل لم يزل عالماً بجميع ما في القرآن قبل أن ينزل القرآن، وقبل أن يأتي به جبريل وينزل به على محمد - صلى الله عليه وسلم -. وقد قال: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (¬2) قبل أن يخلق آدم. وقال: {إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)} (¬3) يقول: كان إبليس في علم الله كافراً قبل أن يخلقه، ثم أوحى بما قد علمه من جميع الأشياء. وقد أخبرنا عز وجل عن القرآن، فقال: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)} (¬4) فنفى عنه أن يكون غير الوحي، وإنما معنى قوله: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذكرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} (¬5) أراد: محدثاً علمه، وخبره، وزجره، وموعظته عند محمد - صلى الله عليه وسلم -، وإنما أراد: أن علمك يا محمد ومعرفتك محدث بما أوحي إليك من القرآن، وإنما أراد: أن نزول القرآن عليك يحدث لك ولمن سمعه علم وذكر لم تكونوا تعلمونه. ألم تسمع
¬_________
(¬1) الأنبياء الآية (2).
(¬2) البقرة الآية (30).
(¬3) البقرة الآية (34).
(¬4) النجم الآية (4).
(¬5) الأنبياء الآية (2).

الصفحة 442