كتاب موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية (اسم الجزء: 5)

الحجة لكفره، فقال الجهمي: إن قول الله عز وجل {بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22)} (¬1)
فقال: إن اللوح بما فيه مخلوق، ولا جائز أن يكون مخلوق فيه غير مخلوق، فقبحوا في التأويل وكفروا بالتنزيل من وجوه كثيرة، وذلك أن القرآن من علم الله، وعلم الله وكلامه وجميع صفاته كل ذلك سابق اللوح المحفوظ قبله وقبل القلم وهكذا. قال ابن عباس رحمه الله: «إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، فكتب في اللوح المحفوظ» (¬2) فكان خلق القلم واللوح بقول الله عز وجل لهما: "كُونَا"، فقوله قبل خلقه، وما في اللوح كلامه، وإنما ما في اللوح من القرآن، الخط والكتاب، فأما كلام الله عز وجل، فليس بمخلوق، وكذلك قوله عز وجل: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14)} (¬3)، وإنما كرمت ورفعت وطهرت لأنها لكلام الله استودعت. وأما قولهم: إنه لا يكون مخلوق فيه غير مخلوق، فذلك أيضاً يَهُتُّ من كلامهم ويتناقض في حججهم، أما سمعت قول الله عز وجل:
¬_________
(¬1) البروج الآيتان (21و22) ..
(¬2) أخرجه البيهقي (9/ 3) والحاكم (2/ 498) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي. ومثل هذا الكلام لا يقال من قبل الرأي فله حكم الرفع، ويؤكد ذلك أن ابن عباس رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه: ابن أبي عاصم في السنة (1/ 50/108) وفي الأوائل (رقم 3) وأبو يعلى (4/ 217/2329) والبيهقي في السنن (9/ 3) وفي الأسماء والصفات (2/ 237/803) من طريق أحمد عن ابن المبارك عن رباح بن زيد عن عمر بن حبيب عن القاسم بن أبي بزة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً. قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في الصحيحة (1/ 257/133):" وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات من رجال التهذيب". وله شواهد وقد مر معنا بعضها.
(¬3) عبس الآيتان (13و14).

الصفحة 463