كتاب موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية (اسم الجزء: 5)

المقدس؟ فأنزل الله عز وجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (¬1)» (¬2) وبلغني عن يعقوب الدورقي من غير رواية المحاملي، قال: بلغني عن سفيان، أنه قال: ما علمت أن الصلاة من الإيمان حتى قرأت هذه الآية فالله عز وجل قد جعل الصلاة من الإيمان وسمى العاملين بها مؤمنين، فقال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)} (¬3) ثم نعت وصف الإيمان فيهم ثم ذكر ما وعدهم به عند آخر وصفهم، فقال: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)} (¬4).
والمرجئة تزعم أن الصلاة والزكاة ليستا من الإيمان، فقد أكذبهم الله عز وجل وأبان خلافهم. واعلموا، رحمكم الله، أن الله عز وجل لم يثن على المؤمنين ولم يصف ما أعد لهم من النعيم المقيم والنجاة من العذاب الأليم ولم يخبرهم برضاه عنهم إلا بالعمل الصالح والسعي الرابح، وقرن القول بالعمل والنية بالإخلاص، حتى صار اسم الإيمان مشتملاً على المعاني الثلاثة لا ينفصل بعضها من بعض ولا ينفع بعضها دون بعض حتى صار الإيمان: قولاً باللسان وعملاً بالجوارح ومعرفة بالقلب خلافا لقول المرجئة الضالة الذين
¬_________
(¬1) البقرة الآية (143).
(¬2) أحمد (1/ 304 - 305) وأبو داود (5/ 59 - 60/ 4680) والترمذي (5/ 192/2964) وقال: "حسن صحيح". وابن حبان (الإحسان 4/ 620 - 621/ 1717) كلهم بذات الإسناد. ورواية سماك بن حرب عن عكرمة مضطربة، لكن له شاهد من رواية البراء بن عازب يتقوى به عند البخاري (1/ 128 - 129/ 40).
(¬3) المؤمنون الآيتان (1و2).
(¬4) المؤمنون الآيتان (10و11).

الصفحة 490