كتاب موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية (اسم الجزء: 5)

وأشد تكذيباً لكتاب الله وسنة رسوله وسنة الإيمان وشريعة الإسلام ممن علم أن الله عز وجل قد فرض الصلاة وجعل محلها من الإيمان هذا المحل، وموضعها من الدين هذا الموضع، وألزم عباده إقامتها هذا الإلزام في هذه الأحايين، وأمر بالمحافظة والمواظبة عليها على هذه الشدائد والضرورات، فيخالف ذلك إلى اتباع هواه وإيثاره لرأيه المحدث الذي ضل به عن سواء السبيل وأضل به من اتبعه فصار ممن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى واتبع غير سبيل المؤمنين فولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيراً.
قال الشيخ -أي ابن بطة-: فقد تلوت عليكم من كتاب الله عز وجل ما يدل العقلاء من المؤمنين أن الإيمان قول وعمل وأن من صدق بالقول وترك العمل كان مكذباً وخارجاً من الإيمان، وأن الله لا يقبل قولاً إلا بعمل ولا عملاً إلا بقول. (¬1)
- وفيها أيضاً: فمن صفة أهل العقل والعلم أن يقول الرجل: أنا مؤمن إن شاء الله لا على وجه الشك ونعوذ بالله من الشك في الإيمان، لأن الإيمان إقرار لله بالربوبية وخضوع له في العبودية وتصديق له في كل ما قال وأمر ونهى.
فالشاك في شيء من هذا كافر لا محالة، ولكن الاستثناء يصح من وجهين: أحدهما نفي التزكية لئلا يشهد الإنسان على نفسه بحقائق الإيمان وكوامله، فإن من قطع على نفسه بهذه الأوصاف شهد لها بالجنة وبالرضاء وبالرضوان، ومن شهد لنفسه بهذه الشهادة كان خليقاً بضدها، أرأيت لو أن
¬_________
(¬1) الإبانة (2/ 6/792 - 795).

الصفحة 498