كتاب موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية (اسم الجزء: 5)

- وقال رحمه الله: فالقدرية المخذولة يسمعون هذا وأضعافه، ويتلونه ويتلى عليهم؛ فتأبى قلوبهم قبوله، ويردونه كله ويجحدونه بغياً وعلواً وأنفة من الحق، وتكبرا على الله عز وجل وعلى كتابه وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - وعلى سنته، وللشقوة المكتوبة عليهم؛ فهم لا يسمعون إلا ما وافق أهواءهم، ولا يصدقون من كتاب الله ولا من سنة نبيه؛ إلا ما استحسنته آراؤهم، فهم كما قال الله عز وجل: {* وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111)} (¬1)، هم كما قال عز وجل: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (171)} (¬2) وهكذا القدري الخبيث الذي قد سلط الله عليه الشياطين، يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون، تزجره بكتاب الله تعالى؛ فلا ينزجر، وسنة رسول الله؛ فلا يذكر. وبقول الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين؛ فلا ينحسر، وتضرب له الأمثال؛ فلا يعتبر، مصر على مذهبه الخبيث النجس الذي خالف فيه رب العالمين والملائكة المقربين والأنبياء والمرسلين والصحابة والتابعين وجميع فقهاء المسلمين، وضارع فيه اليهود والنصارى والمجوس والصابئين؛ فلم يجد أنيساً في طريقته ولا مصاحباً على مذهبه غيرهم، أعاذنا الله وإياكم من مذاهب القدرية والأهواء الرديئة والبدع المهلكة المردية، وجعلنا وإياكم للحق مصدقين، وعن الباطل حائدين، وثبتنا
¬_________
(¬1) الأنعام الآية (111).
(¬2) البقرة الآية (171).

الصفحة 506