كتاب موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية (اسم الجزء: 5)

يُؤْمِنُونَ (188)} (¬1). وقال عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (¬2).
فكل هذا يدل العقلاء ويؤمن المؤمنين من عباد الله والعلماء أن الأنبياء إنما بعثوا مبشرين ومنذرين حجة على العالمين، وأن من شاء الله له الإيمان؛ آمن ومن لم يشأ له الإيمان؛ لم يؤمن، وأن ذلك كله مفروغ منه، قد علم ربنا عز وجل المؤمن من الكافر والمطيع من العاصي والشقي من السعيد، وكتب لقوم الإيمان بعد الكفر؛ فآمنوا، ولقوم الكفر بعد الإيمان؛ فكفروا، والطاعة بالتوبة بعد المعصية؛ فتابوا، وعلى آخرين الشقوة؛ فكفروا، فماتوا على كفرهم، وكل ذلك في إمام مبين. (¬3)
- وقال رحمه الله: فجميع ما قد ذكرته لك واجب على المسلمين معرفته والإيمان به، والإذعان لله عز وجل والإقرار له بالعلم والقدرة، وأنه ليس شيء كان ولا هو كائن إلا وقد علمه الله عز وجل قبل كونه ثم كان بمشيئة الله وقدرته، فمن زعم أن الله عز وجل شاء لعباده الذين جحدوه وكفروا به وعصوه الخير والإيمان به والطاعة له، وأن العباد شاؤوا لأنفسهم الشر والكفر والمعصية، فعملوا على مشيئتهم في أنفسهم واختيارهم لها خلافا لمشيئته فيهم فكان ما شاؤوا ولم يكن ما شاء الله؛ فقد زعم أن مشيئة العباد أغلب من مشيئة الله وأنهم أقدر على ما يريدون منه على ما يريد؛ فأي افتراء
¬_________
(¬1) الأعراف الآية (188).
(¬2) إبراهيم الآية (4).
(¬3) الإبانة (1/ 8/287 - 292).

الصفحة 512