كتاب موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية (اسم الجزء: 5)

على الله يكون أكثر من هذا؟ ومن زعم أن أحداً من الخلق صائر إلى غير ما خلق له وعلمه الله منه؛ فقد نفى قدرة الله عز وجل عن خلقه، وجعل الخلق يقدرون لأنفسهم على ما لا يقدر الله عليه منهم، وهذا إلحاد وتعطيل وإفك على الله عز وجل وكذب وبهتان، ومن زعم أن الزنا ليس بقدر؛ قيل له: أرأيت هذه المرأة التي حملت من الزنا وجاءت بولدها؛ هل شاء الله أن يخلق هذا الولد، وهل مضى هذا في سابق علم الله، وهل كان في الذرية التي أخذها عز وجل من ظهر آدم؟ فإن قال: لا، فقد زعم أن مع الله خالقاً غيره وإلها آخر، وهذا قول يضارع الشرك، بل هو الشرك الصارح، تعالى الله عما تقول الملحدة القدرية علوّاً كبيراً، ومن زعم أن السرقة وشرب الخمر وأكل مال الحرام ليس بقضاء وقدر من الله؛ لقد زعم أن هذا الإنسان قادر على أن يأكل رزق غيره، وأن ما أخذه وأكله وملكه وتصرف فيه من أحوال الدنيا وأموالها؛ كان إليه وبقدرته؛ يأخذ منها ما يشاء، ويدع ما يشاء، ويعطي من يشاء، ويمنع من يشاء، إن شاء أغنى نفسه؛ أغناها، وإن شاء أن يفقرها؛ أفقرها، وإن أحب أن يكون ملكاً؛ كان، وإن أحب غير ذلك؛ كان، وهذا قول يضارع قول المجوسية، بل ما كانت تقوله الجاهلية، لكنه أكل رزقه، وقضى الله له أن يأكله من الوجه الذي أكله.
ومن زعم أن قتل النفس ليس بقدر؛ فقد زعم أن المقتول مات بغير أجله، وأن الله عز وجل كتب للمقتول أجلا علمه وأحصاه وشاء وأراده، وأن قاتله شاء أن يفني عمره ويقطع أجله قبل بلوغ مدته وإحصاء عدته؛ فكان ما أراده القاتل، وبطل ما أحصاه الله وكتبه وعلمه؛ فأي كفر يكون أوضح وأقبح وأنجس وأرجس من هذا؟ بل

الصفحة 513