كتاب موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية (اسم الجزء: 5)

ذلك كله بقضاء الله وقدره، وكل ذلك بمشيئته في خلقه وتدبيره فيهم، قد وسعه علمه وأحصاه وجرى في سابق علمه ومسطور كتابه، وهو العدل الحق يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23)} (¬1) ولا يقال لما فعله وقدره وقضاه كيف؟ ولا لم؟ فمن جحد أن الله عز وجل قد علم أفعال العباد وكل ما هم عاملون؛ فقد ألحد وكفر، ومن أقر بالعلم؛ لزمه الإقرار بالقدر والمشيئة على الصغر منه و (القما)؛ فالله الضار، النافع، المضل، الهادي؛ يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه، ولا منازع له في أمره، ولا شريك له في ملكه، ولا غالب له في سلطانه خلافا للقدرية الملحدة. (¬2)
- وقال رحمه الله: اعلموا رحمكم الله أن القدرية أنكروا قضاء الله وقدره، وجحدوا علمه ومشيئته، وليس لهم فيما ابتدعوه ولا في عظيم ما اقترفوه كتاب يؤمونه، ولا نبي يتبعونه، ولا عالم يقتدون به، وإنما يأتون فيما يفترون بأقوال عن أهوائهم مخترعة وفي أنفسهم مبتدعة؛ فحجتهم داحضة وعليهم غضب ولهم عذاب شديد، يشبهون الله بخلقه، ويضربون لله الأمثال، ويقيسون أحكامه بأحكامهم، ومشيئته بمشيئتهم وربما قيل لبعضهم: من إمامك فيما تنتحله من هذا المذهب الرجس النجس؛ فيدعي أن إمامه في ذلك الحسن ابن أبي الحسن البصري رحمه الله، فيضيف إلى قبيح كفره وزندقته أن يرمي إماماً من أئمة المسلمين وسيداً من ساداتهم وعالماً من
¬_________
(¬1) الأنبياء الآية (23).
(¬2) الإبانة (2/ 9/43 - 45).

الصفحة 514