كتاب شرح كتاب سيبويه (اسم الجزء: 5)

قال أبو سعيد- رحمه الله-: اعلم أن ما كان على تفاعل أو تفعل فلحقته تاء أخرى للمخاطب أو للمؤنثة جاز حذف إحداهما؛ فأما سيبويه والبصريون فيقولون:
المحذوفة الثانية، وذلك قولك: ما زيد لا تكلم في هذا ولا تغافل عنه وتقديره لا تتكلم فيه ولا تتغافل عنه وكذلك هند تكلم في هذا وزينب تغافل عنه.
قال الله عز وجل: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها وتقديره: تتنزل وكذلك التقدير تتمنوا في كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ وكذلك لا تَوَلَّوْا عَنْهُ أصله: تتولوا عنه، وإنما حذفوا إحداهما استخفافا؛ لأن لفظهما واحد؛ فإن انضمت الأولى لم يجز حذف إحداهما، ولو قلت: تتحمل وتتنازع على ما لم يسم فاعله لم يجز حذف إحداهما لاختلاف الحركتين، ولأنه يقع لبس بين تتفعل وتفعل.
وقال بعض الكوفيين: التاء المحذوفة هي الأولى، وقال بعضهم: يجوز أن تكون المحذوفة هي الأولى ويجوز أن تكون الثانية.
قال سيبويه محتجا: لأن المحذوفة هي الثانية قال: وإنما كانت الثانية أولى بالحذف؛ لأنها هي التي تسكن فتدغم في ازينت وادّارأتم، لأنها أسكنت وأدغمت وكذلك في تسمعون وتطير للمخاطب، والمؤنثة الغائبة تدغم التاء الثانية، وتسلم الأولى؛ فلما كان الاعتلال يلحقها دون الأولى كان الحذف لها دون الأولى؛ لأن الحذف كالاعتلال.
قال: وهذه التاء لا تعتل في الذال إذا حذفت الهمزة، ولا تدغم لأنه يفسد الحرف ويلتبس لو حذفت واحدة منهما يريد أن الذال إذا خففوا همزتها فألقوا حركتها على الدال فصار تدل لم يجز إدغام التاء في الدال، ولا إدغام الدال في التاء في تدع وهما من مخرج واحد ولو فعلوا ذلك فسد لزوال لفظ الاستقبال.
قال: ولا يسكنون هذه التاء في تتكلمون ونحوها ويلحقون الألف الخفيفة لأن ألف الوصل إنما لحقت واختص بها ما كان في معنى فعل وافعل في الأمر؛ فأما الأفعال المضارعة لأسماء الفاعلين فأرادوا أن يخلصوها من باب فعل وافعل ولا يجوز حذف حرف جاء لمعنى المخاطبة، أو التأنيث ولم تكن لتحذف الدال من نفس الحرف فيفسد
الحرف وتخل به ولم يروا ذلك محتملا إذ كان الباين عربيا؛ فكذلك تركت التاء التي للخطاب والاستقبال وهي الأولى على حالها، ولم تغير وفي آخر هذا الباب من نسخة أبي بكر مبرمان.
قال: وأما الدكر فإنهم كانوا يقلبونها في مدكر وشبهه يقلبونها هاهنا وقلبها شاذ شبيه بالغلط.

الصفحة 450