كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 5)

وقوله: المنسرح
ومَكْرُمَاتٍ مَشَتْ على قَدَمِ ال ... برِّ إلى مَنْزلي تُرَدِّدُهَا
أقَرَّ جِلْدي بها عَلَيَّ فما ... أَقْدِرُ حتى المَمَاتِ أَجْحَدُهَا
قال: أراد بالمكرمات هاهنا ثيابا أنفذها؛ أي: أقر الجلد بظهور ما عليه من الخلع للناس الناظرين اليه، فكأنه باكتسائه ناطق مُقر، كما قال الناشئ الأكبر: الطويل
ولَوْ لَمْ يَبُحْ بالشُّكْرِ لَفْظي لَخَبَّرَتْ ... يَميني بما أوْلَيْتَني وشِمَاليَا
وأقول: المعنى الذي قصده أبو الطيب، أتم مما ذكره الواحدي، وهو إنه أراد بالثوب الناطق بشكره جلده؛ جعله كأنه كساه إياه بجوده وإحسانه، وهو من قول الحطيئة: الطويل
سَقَوا جَارَكَ العَيْمَان لما تَرَكْتَهُ ... وَبَرَّدَ عن بَرْدِ الشِّتاءِ مَشَافِرُهْ
سنَاماً ومَحْضاً أنْبَتَ اللَّحْمَ فاكْتَسَتْ ... عظامُ امرئٍ مَا كانَ يشبَعُ طائِرُهْ
ومثله قوله: الوافر
وإن يَكُ سَيْفَ دولةِ غيرِ قَيْسٍ ... فمنه جلودُ قَيسٍ والثيابُ

الصفحة 15