كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 5)

قال: أراد تمثلوا بحاتم، أي في الجود، فحذف الباء ضرورة وذلك أن المثل يُضرب بحاتم؛ فيقال: أجود من حاتم.
فيقال: ليس في هذا ضرورة بحذف الباء؛ والفعل متعد بنفسه لأن: تمثلت بمعنى: اتخذت مثلا، وتفعلت لاتخاذ الشيء كثير نحو: تديرت المكان وتوسدت الرأي، أي اتخذت ذلك داراً ووسادة، فتمثلوا حاتما، أي اتخذوه مثلا تُضرب به الأمثال، فيقال: فلان في الجود مثل حاتم فهذه حقيقة المثل. وبين تمثلت الشيء وتمثلت به فرق: فتمثلته: اتخذته مثلا، وتمثلت به: جعلته تُلحق به أمثال له.
وقوله: الطويل
خليليَّ ما هذا مُنَاخٌ لمِثْلِنَا ... فَشُدَّا عَلَيْها وارْحَلاَ بِنَهَارِ
قال في قوله: فشدا عليها نوعان من الضرورة: حذف المفعول، والكناية عن غير مذكور.
فيقال له: ما جاء مثله في كلام الله - سبحانه - فليس بضرورة: فأما حذف المفعول فقوله: (وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي) وأما الكناية عن غير مذكور فقوله: (حَتَّى تَوَارَتْ

الصفحة 26