كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 5)

أي: إنها تقتله فيخرج من صفة البخل بخروجه، من صفة الحياة. وهذا مثل قوله: الخفيف
فرؤوسُ الرِّماحِ أذهَبُ للغّيْ ... ظِ وأشْفَى لِغلِّ صَدْرِ الحَقُودِ
أي: إنه يُقتل فيخرج من صفة الغل والحقد بخروجه من صفة الحي التي هي مُصححة لهما.
وقوله: الطويل
غَثَاثَةُ عَيْشي أن تَغِثَّ كَامتي ... وليس بِغَثٍّ أن تَغِثَّ المآكِلُ
قال: يقول: هزال عيشي في هزال دمي، لا في هزال مطاعمي.
وأقول: أن تفسيره كرامتي بمعنى دمي عجيب غريب. وهذا لم يقله أحد، ولا له هاهنا معنى سائغ. وإنما كرامتي بمعنى إكرامي؛ أي: إكرام غيري لي.
يقول: هُزال عيشي في هُزال كرامتي، وفصد إهانتي وإضاعة حُرمتي.
. . . . . . ... وليس بِغَثٍّ أن تَغِثَّ المآكِلُ
بل أن تغث الكرامة والحرمة، وهذه إشارة إلى قوله: الطويل
. . . . . . ... إلى أن بَدَتْ للضيم فيَّ زلازِلُ

الصفحة 32