كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 5)

وقوله: البسيط
أبْدَيْتِ مثلَ الذي أَبْدَيْتُ من جَزَعٍ ... ولم تُجِنِّي الذي أجْنَنْتُ من ألَمِ
إذاً لبَزَّكِ ثَوْبَ الحُسْنِ أصْغَرُهُ ... وَرُحْتِ مِثْلِيَ في ثَوبَيْنِ من سَقَمِ
قال: ذكر إنها لم تجن الألم، كأنه قال: لو أجننت من الألم، ما أجننته، إذا لسلبك ثوب الحسن أصغر جزء من أجزائه.
أقول: وهذا، من تفسيره، يدل على إنها لم تُجن شيئاً من ألم، وأقول: إن قول أبي الطيب: البسيط
. . . . ... ولم تُجِنِّي الذي أجْنَنْتُ من ألَمِ
لا يدل على إنها لم تجن ألما البتة، وإنما معناه: ولم تُجني مثل الذي أجننت. وكذلك إذا قلنا: زيد يفعل فعل أبيه أو لا يفعل، فإنما معناه إنه لا يفعل مثل فعله لأنه مستحيل إذ الفعل الواحد لا يكون من فاعلين. وعلى ذلك فسر أبو علي قوله - سبحانه -: (وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا) وقال: ولا يجوز أن يُعطف ورهبانية على ما قبلها لان ما يجعله هو - سبحانه - لا يبتدعونه هم. وصدر البيت يدل على هذا التفسير وهو قوله: البسيط

الصفحة 33