كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 5)

قال: ويبعد إبدال الخمر من الشنب لأنه ليس في معنى الخمر، والقول فيه إن خمر رفع بالابتداء، ومخامرها ابتداء ثان ومسك خبره، وهما في محل الرفع بالخبر عن خمر، والهاء في مخامره ضمير الشنب.
وأقول: إذا كان قد فسر الشنب برقة ماء الأسنان، فكيف استبعد أن تُجعل الخمر بدلا منه، كناية عن طيب النكهة ولذاذة الريق؟
وكيف جاز أن يجعل خمر، وهي نكرة، مبتدأ ولم يصفها؟
ولم جعل مخامرها مبتدأً ثانياً خبراً عنها ولم يجعله صفة لها؟
وما اضطره إلى ذلك وقد قال: ومن روى: يخامرها مسك جعل الجملة صفة للنكرة وتخامره الخبر؟
فيقال: وكذلك إذا قال: مخامرها مسك فهذا جائز حسن!
وقوله: البسيط
يا مَنْ تَحَكَّمَ في نَفْسِي فَعَذَّبَني ... ومَنْ فؤادي على قَتْلي يُضَافِرُهُ
قال: المضافرة: المعاونة، يعني أن قلبه يهينه على قتله حيث لا يسلو مع ما يرى من كثرة الجفاء.
وأقول: إن قوله حيث لا يسلو ليس بشيء. ولكن حيث يزداد له حباً، كلما ازداد له جفاء؛ لأن من شأن الذي يجفوه شخص أن يميل قلبه عنه، وهذا يميل قلبه اليه،

الصفحة 35