كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 5)

فكأنه يعينه عليه، وهو من قول الرشيد: قلب العاشق عليه مع المعشوق! قال الأصمعي: قلت هذا - والله - يا أمير المؤمنين أحسن من قول عروة بن حزام: الطويل
ويُضْمِرُ قَلبي عُذْرَهَا ويُينُهَا ... عليَّ فما لي في الفُؤاد نَصِيبُ
وقوله: البسيط
من بَعْدِ ما كان لَيْلي لا صَبَاحَ له ... كأنَّ أولَ يَوْمِ الحَشْرِ آخرُهُ
قال: يقول: بعد ما كنت أقاسي من الحزن ما يُسهرني فيطول عليَّ الليل للسهر حتى كأنه متصل بيوم الحشر.
وأقول: ليس في الكلام ما يدل على الاتصال بيوم الحشر، ولكن أبا الطيب بالغ
في وصف الليل بالطول، فجعل آخر ليله كأول يوم وهو يوم الحشر لقوله تعالى: (فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ) وكأن هذه المبالغة التي بالغ بها أبو الطيب في عجز البيت نقص بل نقض م لما ذكره في صدره وذلك إنه قال:
. . . . . . لَيْلي لا صَبَاحَ له ... . . . . . .
فنفى أن يكون له آخر. ويوم الحشر وإن كان طويلا فله آخر، ويمكن أن يُعتذر عنه بحذف الصفة؛ أي: لا صباح قريب له، وليتأمل هذا الموضع فإنه صالح.

الصفحة 36