كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 5)

قال: المعنى: إن بأسه لو كان للناس، لكان كل واحد قتالا، فينقطع النسل بكثرة القتل.
وأقول: هذا ليس بشيء!
والمعنى: إنه لو ظهر للناس بأسه كله لأهلك الرجال فانقطع النسل، وإنما يخفيه عنهم بقيا عليهم.
وقوله: الطويل
ولولا تَوَلِّي نفسه حَمْلَ حِلْمِهِ ... عن الأرض لانْهَدَّت ونَاَء بها الثُّقْلُ
قال: وصف حلمه بالرزانة.
يقول: لولا إنه باشر بنفسه حمل حلمه عن الأرض لانكسرت الأرض بثقل حمله، وأثقلها ذلك الحمل.
فيقال له ولأبي الطيب: أليست الأرض حاملة له وهو حامل حلمه الثقيل فقد ازدادت ثقلا على ثقل فلمَ لم تنهد؟
والجواب عنهما: إن الكلام مجاز وهو أن الأرض لو كانت من الأجسام الأحياء، وكان الحلم جسما وحملته كما يحمله الممدوح لانهدت وأثقلها حمله، والواو هنا لم تُرتب؛ لأن التقدير: لناء بها الحمل ولانهدت. والمعنى: وصفه بكثرة الحلم وقوة
الصبر والجلد.

الصفحة 40