كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 5)

وقوله: الكامل
اليومَ عَهْدُكُمُ فأين الموعِدُ ... هَيْهاتَ ليس ليومِ عَهْدِكُمُ غَدُ
قال: العهد: اللقاء.
يقول لأحبته عند الوداع: اليوم ألقاكم، فأين موعد لقائكم؟ ثم التفت إلى سلطان البين فقال: هيهات! بعد ما أطلبه! ليس لهذا اليوم غد! أي: لا أعيش بعد فراقكم، فلا غد لي بعد هذا اليوم، ولو قال: فمتى الموعد لكان أليق بما ذكر بعده؛ لأن: أين سؤال عن المكان، ومتى سؤال عن الزمان. ويريد بقوله:
. . . . . . ... . . . . . . ليسَ ليَوْمِ عَهْدِكُمُ غَدُ
أي: يوم عهدكم للوداع.
وأقول: الكلام فيه تقدير محذوف، كأن أحبته وعدوه بالوصال، فسألهم عن وقته، فقالوا: في غد، فلما حضر قال: اليوم عهدكم بالوصال فأين الموعد؟ فلما تبين له خُلف موعدهم استبعد قولهم، فقال:
. . . . . . ... هيهات ليس ليوم عَهْدِكُمُ غَدُ
ومثل هذا قول بعضهم: الكامل
في كُلِّ يومٍ قائلٌ لي في غَدٍ ... يَفْنَى الزَّمَانُ وما تَرَى عَيْني غَدَا

الصفحة 41