كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 5)

وانظر إلى غلط الواحدي وتخبطه في شرح هذا البيت، وغلطه في المعنى وفي اللغة بجعل العهد اللقاء، وفي قوله: لو قال: فمتى الموعد لكان أليق لظنه إن الموعد الزمان، وإنما هو المصدر. وكيف يسال بمتى عن الوقت وهو فيه يعلمه؟ وإنما يسال بأين عن مكان الوعد بالوصال لأنه لا يعلمه، وهذا السؤال كأنه تقريع وتوبيخ لأحبته؛ لأنه عند الرحيل، وفي ذلك الوقت لا يمكن الوصال.
وقوله: الكامل
إنَّ التي سَفَكَتْ دمي بجُفُونِها ... لم تَدْرِ أنَّ دَمِي الذي تَتَقَلَّدُ
قال: إن التي قتلتني لما نظرت إلي، ليست تدري إن دمي في عنقها، وإنها باءت بإثم قتلي.
وأقول: إن في هذا البيت خبئاً! وهو أن هذه المرأة لم تدر أن دمي عظيم، وإنها قد ارتكبت بسفكه خطراً عظيماً. وفي هذا تنبيه على كبر شأنه وعلو قدره.
وقوله: الكامل
قَالتْ، وقد رأت اصْفِراري مَنْ بهِ؟ ... وتَنَهَّدَتْ فأجَبْتُها المُتَنَهِّدُ
قال: لما رأت صفرة لوني وجدا بفراقها قالت: من به؟ أي: من فعل به هذا الذي أراه؟ وقال ابن جني: من المطالب به؟

الصفحة 42