كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 5)

وأقول: إن قوله: وجدا بفراقها غير جيد، والجيد لو قال: وجدا بها. وتفسيره: من؟ أي: من فعل به، وتفسير ابن جني: من المطال به ليسا بصواب. ولو قالا: من به؟ أي: من في قلبه؟ أو: من يهواه؟ لا صابا، وهذا من قول ديك الجن، عبد السلام، شاعر الشام: الكامل
مَرَّتْ فقلتُ لها مَقَالةَ مُغْرَمٍ ... مَاذَا عليكِ من السَّلامِ فَسَلِّمي
قالتْ: بمَنْ تَعْني فَحُبُّكَ ظَاهِرٌ ... بنحُولِ جسْمِكَ قلتُ: بالمُتَكَلِّمِ
فتضاحَكَتْ عَجَباً وقالَتْ يا فَتَى ... لو لَمْ أدَعْكَ تنامُ بي لم تَحْلُمِ
وقوله: الكامل
فَمضَتْ وقد صَبَغَ الحَيَاءُ بَيَاضَها ... لَوْني كَمَا صَبَغَ اللُّجَيْنَ العَسْجَدُ
قال: إنما عدّي الصبغ إلى مفعولين لأنه تضمن معنى الإحالة؛ كأنه قال: أحال الحياء بياضها لوني.
وأقول: إن لوني صفة مصدر محذوف؛ كأنه قال: لوناً مثل لوني. وهذا كما يقال: ضربته ضرب زيد؛ أي: ضربا مثل ضرب زيد. وكقول امرئ القيس: الطويل
إذا قامَتَا تَضَوَّعَ المِسْكُ منهما ... نَسِيمَ الصَّبَا جَاَءتْ بِرَيَّا القَرنفلِ

الصفحة 43