واعتذروا عن الحديث بأن أمره لها باجتناب الطواف؛ لأجل المسجد واللبث فيه، وجوابه أنه لو أراد ذلك لقال لها: لا تدخلي المسجد، ولما قال لها: "لا تطوفي" كان ذلك دليلًا على المنع في حق الطواف نفسه، كيف وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "الطواف بالبيت صلاة" (¬1)؟! والصلاة الطهارة شرط فيها بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقبل الله صلاة بغير طهور" (¬2).
سابعها:
قولها: (وَضَحَّى عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ). هو محمول على استئذانه لهن في ذلك، فإن التضحية عن الغير لا تجوز إلا بإذنه، وفي رواية أخرى: وأهدى عن نسائه البقر (¬3).
وهي دالة على أن البقر مما يهدى، وأنه يجوز إهداء الرجل عن غيره، وإن لم يعلمه، ولا أذن له، وكان هذا الهدي -والله أعلم- تطوعًا.
واستدل به مالك على أن التضحية بالبقر أفضل من البدن (¬4)،
¬__________
(¬1) رواه الدارمي 2/ 1165 (1889)، وأبو يعلى 4/ 467 (2599)، وا بن الجارود في "المنتقى" 2/ 87 - 88 (461)، وابن خزيمة 4/ 222 (2739)، وابن حبان 9/ 143 - 144 (3836)، والحاكم 1/ 459، والبيهقي 5/ 85 من حديث ابن عباس مرفوعًا، قال النووي في "المجموع" 2/ 77: إسناده ضعيف، والصحيح عندهم أنه موقوف على ابن عباس. قال الذهبي في "التلخيص" 1/ 459: صحيح وقفه جماعة، وصححه الألباني في "الإرواء" (121).
(¬2) رواه مسلم (224) كتاب: الطهارة، باب: وجوب الطهارة للصلاة، من حديث ابن عمر.
(¬3) رواه مسلم (1211/ 120) كتاب: الحج، باب: بيان وجوه الإحرام.
(¬4) انظر: "المعونة" 1/ 435.