كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 5)

المؤمنين؛ لعموم رسالته، وحرمة ما أودع من طيب كلامه -في حجر حائض تاليا للقرآن .. إلخ
قولها: (فيقرأ القرآن) قد يقال: فيه إشارة إلى المنع؛ لأنه إنما يحسن التنصيص عليه إذا كان ثم ما يوهم منعه، ولو كانت جائزة لكان هذا الوهم منطقيا، وقد اختلف العلماء في ذلك، فمن رخص للحائض والجنب في حمل المصحف بعلاقته: الحكم بن عتيبة، وعطاء، وسعيد بن جبير، وحماد بن أبي سليمان، والحسن، ومجاهد، وطاوس، وأبو وائل، وأبو رزين (¬1)، وهو قول أهل الظاهر.
وقال جمهور العلماء: لا يمسه حائض ولا جنب، ولا يحمله إلا طاهر غير محدث وروي ذلك عن ابن عمر (¬2)، وهو قول مالك، والأوزاعي، والثوري، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، والشعبي، القاسم بن محمد وأجاز محمد بن سيرين والشعبي مسَّه من غير وضوء (¬3).
ومنع الحكم مسه بباطن الكف خاصة كذا نقل عنه، وفيه مخالفة لما مضى، حجة من أجاز الحديث السالف: "إن المؤمن لا ينجس" (¬4)، وكتب - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل آية من القرآن (¬5)، ولو كان حرامًا ما كتبها إليه؛
¬__________
(¬1) روى بعضها ابن أبي شيبة 2/ 142 (7421 - 7424).
(¬2) رواه ابن أبي شيبة 2/ 142 (7427)، وابن المنذر 2/ 101 (629).
(¬3) رواهما ابن أبي شيبة 2/ 142 (7425، 7429).
(¬4) سلف برقم (283) كتاب الغسل، باب عرق الجنب وأن المسلم لا ينجس، ورواه مسلم (371) كتاب الحيض، باب الدليل على أن المسلم لا ينجس.
(¬5) كتب له قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ} الآية [آل عمران: 64] وهو حديث سلف مطولًا برقم (7) كتاب: بدء الوحي بابٌ، ورواه مسلم (1773) كتاب: الجهاد والسير، باب: كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام.

الصفحة 25