كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 5)
وأخرجه مسلم في المغازي (¬1)، وطرقه الدارقطني في "علله"، وقال: طريقة البخاري هي الصواب (¬2).
ووقع في كتاب ابن المنير أن البخاري أخرجه في البيع والشراء في المسجد، ومعه شيخنا في "شرحه"، وهو عجيب فليس فيه إلا حديث بريرة كما سلف، ثم قال: ووجه المطابقة أن الذي تخيل المنع إنما أخذه من ظاهر: "إن هذِه المساجد إنما بنيت للصلاة وذكر الله". فبين البخاري تخصيص هذا العموم بإجازة فعل غير الصلاة في المسجد، وهو ربط ثمامة؛ لأنه لمقصود صحيح، والبيع كذلك (¬3).
وهذا أعجب من الأول، وليته على تقدير وجدانه فيه، وأنى له ذلك، استنبط ذلك من قوله في وفد بني حنيفة: (إن تُنعم تُنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل) قيده مساومة وبيع في النفس والمال.
ثانيها:
هذا الحديث روي أيضا من حديث ابن عباس أخرجه ابن منده في "معرفة الصحابة" من حديث علباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عباس أن ثمامة بن أثال الحنفي أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - أسيرًا فخلى سبيله، فلحق بمكة فحال بين أهل مكة والميرة من اليمامة، فجاء أبو سفيان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ألست تزعم أنك بعثت بالرحمة؟ قال: "بلى". قال: فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع، فأنزل الله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ} [المؤمنون: 76] الآية (¬4).
¬__________
(¬1) مسلم (1764) كتاب: الجهاد والسير، باب: ربط الأسير وحبسه.
(¬2) "علل الدارقطني" 8/ 161 - 162.
(¬3) "المتواري" ص 88.
(¬4) رواه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" 1/ 507 (1422) من طريق عبد المؤمن بن =
الصفحة 595
644